له الوجود بدون اعتبار شيء من الأغيار (١) ، وكلّ ما كان كذلك فوجوده مقتضى ذاته ، ومقتضى الذات يمتنع زواله ، وزوال الوجود هو العدم ، فواجب الوجود يمتنع عليه العدم.
الثانية : أنّه يقال : له تعالى ـ باعتبار ما تقدّم ـ أسماء أربعة : الباقي والأزليّ والأبديّ والسرمديّ. والفرق بين هذه المفهومات أنّ الباقي ، هو الموجود المستمرّ الوجود ، أي لا يوجد زمان من الأزمنة المحقّقة والمقدّرة إلّا ووجوده مصاحب له.
والأزليّ ، هو المصاحب لجميع الأزمنة ، محقّقة كانت أو مقدّرة في جانب الماضي إلى غير النهاية.
والأبديّ ، هو المصاحب لجميع الأزمنة ، محقّقة كانت أو مقدّرة في جانب المستقبل إلى غير النهاية.
والسرمديّ ، هو المصاحب لجميع الثابتات المستمرّ الوجود في الزمان.
والمراد بالزمان المحقّق ، ما هو داخل في الوجود الخارجيّ بحيث يصير جزءا من العالم. والمقدّر ، ما ليس كذلك.
الثالثة : أنّ وجود ما عداه من الموجودات الخارجيّة صادر عنه ، لإمكانها المحوج إلى الفاعل كما تقدّم (٢) ، إمّا بغير واسطة كما هو مذهب المتكلّمين ، أو بواسطة كما هو رأي الحكماء ؛ لوجوب انتهاء كلّ موجود إليه ؛ لبطلان التسلسل عندهم (٣). ويجيء تمام البحث في هذا الكلام.
الرابعة : يقال له باعتبار هذه الصفة : الصانع والخالق والبارئ. وهذه المفهومات الثلاثة متقاربة في المعنى ، وقد يمكن الفرق بينها بأن يقال :
الصانع : هو الموجد للشيء ، المخرج له من العدم إلى الوجود.
__________________
١ ـ «م» الاعتبارات.
٢ ـ يراجع ص : ٥٥.
٣ ـ اختلف العقلاء في أنّ علّة احتياج الممكن إلى المؤثّر ما ذا؟ فذهب الحكماء إلى أنّ علّة الحاجة هي الإمكان لا غير ، واختاره بعض المتكلّمين والمحقّق الطوسيّ. وذهب متقدّموا المتكلّمين إلى أنّ علّة الحاجة هي الحدوث لا غير. وذهب أبو الحسين البصريّ إلى أنّها الإمكان والحدوث معا وكلّ منهما جزء علّة. وذهب الأشعريّ إلى أنّها الإمكان بشرط الحدوث. إرشاد الطالبين : ١٥٦.