[مقدّمة المؤلّف]
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
(اللهمّ وفّق لإكماله بمحمّد وكرم آله) (١)
سبحانك اللهمّ واجب الوجود ومبدأه وغاية وجود كلّ موجود. أنت أخرجتنا من مرتتق ظلام العدم إلى فضاء ضياء الوجود بقدرتك وإرادتك ، وعدلت مزاج أركان تراكيب خلقنا ، وأتقنت خلقها بحكمتك. اللهمّ وإذ رفعتنا من حضيض هيولى الإدراك بنور ملكة التحصيل إلى أوج استفادة ما أمكن من معرفة حقائق معلوماتك ، فأمطر على أنفسنا الناقصة من سحائب جود مواهبك وزلال عذب مناهلك ما ننخرط به في سلك أوليائك القائمين بمرضاتك. وصلّ اللهمّ على أشرف أوليائك وأفضل مخلوقاتك وأكمل أنبيائك في أرضك وسمائك محمّد وآله ، المخصوصين بمزايا خواصّك ومظهري صفاتك وأسمائك ، صلاة معادلة لآلائك ، باقية على مرّ الدّهر ببقائك.
أمّا بعد : فلمّا كان علم الكلام من بين هذه العلوم أوثق برهانا وأظهر تبيانا وأشرف موضوعا وأكمل اصولا وفروعا ، ولذلك استحقّ التقدّم على سائر العلوم ، وتنزّل منها منزلة الشمس من النجوم ، وصار للعلوم الشرعيّة أساسا ، ولكلّ واحد منها تاجا ورأسا ، وهو وإن كان بعيد الأغوار كثير الأسرار ، إلّا أنّ نقاوته الّتي يعوّل في التحصيل عليها ، وعقيلته الّتي ينتفع بها وتدعو الضرورة إليها ، ويجب على كلّ مكلّف استحضارها (٢) وفي كلّ آونة تكرارها وتذكارها ، ليقرّب إليه من السعادة جنّتها ويبعّد عنه من الشقاوة نارها ، قد ضمّنها الإمام الأعظم أفضل المحقّقين خواجة نصير الملّة والحقّ والدين : محمّد بن
__________________
١ ـ ليست في «م» ، «ح» : عليك اعتمادي يا كريم.
٢ ـ «خ» «ح» : استظهارها.