قال : الفصل الثاني في العدل.
أقول : هذا هو الأصل الثاني من اصول الدين. والمراد به ـ أي العدل ـ هو تنزيه الله سبحانه عن فعل القبيح والإخلال بالواجب. ثمّ إنّ المتكلّمين أطلقوا اسم باب العدل على ذلك (١) ، وعلى كلّ ما يتفرّع عليه من مباحث التكليف واللطف والأعواض والثواب والعقاب وغير ذلك ، وعلى مسألة تقسيم الأفعال إلى أقسامها الخمسة كما يجيء ؛ لابتناء الحكم بكونه لا يفعل قبيحا ولا يخلّ بواجب على معرفة الفعل الحسن والقبيح ، إذ التصديق مسبوق بتصوّر الأطراف.
قال : تقسيم ـ كلّ فعل إمّا أن ينفر العقل منه أولا. الأوّل قبيح ، والثاني حسن. والحسن إمّا أن ينفر العقل من تركه أولا. والأوّل واجب ، ولذلك يذمّ العقلاء فاعل القبيح ، وتارك الواجب.
أقول : الفعل عرّفه الحكماء بأنّه مبدأ التغيّر في شيء آخر. والمعتزلة بأنّه ما وجد بعد أن كان مقدورا. وبعض العلماء بأنّه صرف الشيء من الإمكان إلى الوجوب. والأكثر على
__________________
١ ـ اعلم أنّ مبحث العدل عند المتكلّمين من الإماميّة من متفرّعات أفعاله تعالى ، حيث إنّهم بعد إثبات عالميّته تعالى وقدرته ، بحثوا عن تنزيهه تعالى عن فعل القبيح والإخلال بالواجب. وينشأ من ذلك البحث عن التحسين والتقبيح العقليّين. ولأجل ذلك يعنونون بحث العدل في كتب الكلام بعنوان : البحث في الأفعال.
قال المحقّق الطوسيّ في «تلخيص المحصّل» : القسم الثالث في الأفعال. وقال أيضا في «التجريد» : الفصل الثالث في أفعاله تعالى. وقال العلّامة الحلّيّ في «كشف المراد» : لمّا فرغ المصنّف من إثباته تعالى شرع في بيان عدله وما يتعلّق بذلك. وقال في «نهج المسترشدين» : الفصل الثامن في العدل ، وفيه مباحث : البحث الأوّل في أقسام الفعل. تلخيص المحصّل : ٣٢٥ ، كشف المراد : ٢٣٤ ، نهج المسترشدين : ٥٠ ، كشّاف اصطلاحات الفنون ٢ : ١٠١٦.