فيكون الشريك واجبا في الخارج لعين ماهيّته ، فيكون موجودا ، وهو المطلوب.
والجواب بمنع المقدّمة الأولى وهي صغرى المغالطة ؛ فإنّه ليس هناك مفهوم من المفهومات ولا حقيقة من الحقائق يصدق عليها في نفس الأمر المشاركة المذكورة كما بيّنّاه في الدقيقة ، والإيجاب يفتقر إلى تحصيل موضوع ولو في الذهن يثبت له في حدّ ذاته المحمول ، وإذا انتفى شرط الإيجاب كذبت الموجبة المذكورة.
قال : أصل ـ قد ثبت أنّ وجود الممكن من غيره ، فحال إيجاده لا يكون موجودا ؛ لاستحالة إيجاد الموجود ، فيكون معدوما ، فوجود الممكن مسبوق بعدمه. وهذا الوجود يسمّى حدوثا والموجود محدثا ، فكلّ ما سوى الواجب من الموجودات محدث.
أقول : لمّا فرغ من الصفات السلبيّة شرع في الثبوتيّة ، وهي وإن كانت وجوديّة والوجود أشرف فتستحقّ التقديم ، لكنّه أخّرها ليعلم من السلبيّات استحالة مماثلته للجسمانيّات ، فلا يتصوّر أنّ صفاته كصفات غيره من الموجودات. وأيضا متابعة لقوله تعالى : (تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) (١)
ولمّا كان من جملة الثبوتيّات أنّه تعالى قادر أصّل هذا الأصل لاحتياجه إليه في إثبات القدرة له تعالى ، وذكر فيه بحثين :
الأوّل : أنّ كلّ ما سوى الواجب محدث بالزمان ؛ لأنّ كلّ ما سوى الواجب ممكن ، وكلّ ممكن محدث ، ينتج : كلّ ما سوى الواجب محدث.
أمّا الصغرى فلما تقدّم من أنّ الواجب ليس إلّا واحدا ، فتعيّن أن يكون ما سواه ممكنا.
وأمّا الكبرى فلأنّ الممكن ـ من حيث إنّه ممكن ـ لا وجود له من ذاته ، فوجوده من غيره. فحال إيجاد الغير له إمّا أن يكون موجودا أو معدوما ، لا جائز أن يكون موجودا ، وإلّا لزم إيجاد الموجود وتحصيل الحاصل وهو محال. وأيضا : يلزم أن يكون له وجود ليس من الغير ، وهو خلاف الفرض. فتعيّن أن يكون معدوما ، فيكون حادثا ، إذ لا نعني
__________________
١ ـ الرّحمن : ٧٨.