اليقين (١) ، وعين اليقين (٢) ، وحقّ اليقين (٣). ومثال ذلك في النار من شاهد عين النار بتوسّط نورها بمنزلة علم اليقين بها. ومعاينة جرم النار المقتضية (لتنوير كلّ قابل للنور) (٤) بمنزلة عين اليقين. وتأثير النار في كلّ ما يلاقيها حتّى تنتفي هويّته ويبقى صرف النار بمنزلة حقّ اليقين. ولمّا كانت نهاية الوصول انتفاء الهويّة كانت رؤيتها من البعد والقرب والدخول فيها المقتضي للانتفاء بإزاء المراتب الثلاثة المذكورة.
السادس : السكون ، وهو قسمان :
أحدهما من خواصّ الناقصين ، وهو مقدّمة السلوك الذي يخلو صاحبه من المطلوب والكمال ، ويسمّى غفلة.
وثانيهما بعد السلوك ، وهو من خواصّ الكاملين لحصوله عند الوصول إلى المطلوب ، ويسمّى اطمئنانا (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ) (٥). والحال بين هذين السّكونين يسمّى حركة. والسير والسلوك والحركة من لوازم المحبّة التي قبل الوصول ، والسكون من لوازم المعرفة المقارنة للوصول ، ولهذا قيل : لو تحرّك العارف هلك ، ولو سكن المحبّ هلك. وقيل أيضا أبلغ من ذلك : لو نطق العارف هلك ولو سكت المحبّ هلك.
الخامسة : في الأحوال السانحة للسالك بعد وصوله ، وهي امور :
الأوّل : التوكّل. وهو لغة : تفويض الإنسان أمره إلى غيره. والمراد هنا أنّ العبد إذا عرض له أمر أو صدر عنه شيء إذا تيقّن أنّ الله أعلم منه وأقدر فوّض ذلك الشيء إليه ، ليدبّره بحسب تقديره ويفرح بما قدّره ويرضى به ، (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ) (٦). وإنّما يحصل الرضا والفرح بما يفعله الله تعالى معه إذا تأمّل في أحواله
__________________
١ ـ التكاثر / ٥.
٢ ـ التكاثر / ٧.
٣ ـ الواقعة / ٩٥.
٤ ـ ما بين القوسين في «م» «ن» : لتنوّر كلّ ما قابل للنور ، وفي «خ» : لتنوّر كلّ قابل للتنوّر بها.
٥ ـ الرعد / ٢٨.
٦ ـ الطّلاق / ٣.