والعنصريّ ، وأمّا الكبرى فبديهيّة.
قال : ويجب أن يكون عالما بكلّ الممكنات ، قادرا على كلّها ؛ لأنّ تعلّق علمه تعالى وقدرته ببعض الأشياء دون بعض تخصيص من غير مخصّص.
أقول : لمّا أثبت كونه تعالى عالما وقادرا في الجملة شرع في إثبات عمومهما لكلّ معلوم ومقدور. وبيانه أنّه كلّما ثبت كونه عالما بشيء وقادرا عليه ، وجب كونه عالما بكلّ الأشياء قادرا على كلّها ، لكنّ المقدّم حقّ وكذا التالي. أمّا حقّيّة المقدّم فقد تقدّمت. وأمّا الشرطيّة فلأنّ المقتضي لكونه عالما وقادرا هو ذاته ؛ لاستحالة افتقاره إلى أمر مغاير لذاته وإلّا لزم إمكانه. وذاته متساوية النسبة إلى كلّ شيء لتجرّدها ، فلو لم يعلم الكلّ ويقدر عليه لزم التخصيص بغير مخصّص ، هذا خلف.
واعلم أنّ معلومه تعالى أعمّ من مقدوره وإن كانا معا غير متناهيين ، فإنّ معلومه يكون واجبا وممكنا وممتنعا لتساوي كلّها في صحّة المعلوميّة. فهو تعالى يعلمها كلّها على ما هي عليه ، أي الواجب واجبا والممكن ممكنا والممتنع ممتنعا والكليّ كلّيا والجزئيّ جزئيّا. وأمّا مقدوره فلا يكون إلّا ممكنا ؛ لاستحالة كون الواجب والممتنع مقدورين ، إذ أثر القدرة في إيجاد المعدوم وإعدام الموجود ، وذلك غير متصوّر في الواجب والممتنع ، وحينئذ لا وجه لتخصيص المصنّف العلم بالممكنات.
قال : نقض وجواب شبهة ـ قالت الفلاسفة : البارئ تعالى لا يعلم الجزئيّ الزمانيّ ، وإلّا لزم كونه تعالى محلّا للحوادث ؛ لأنّ العلم هو حصول صورة مساوية للمعلوم في العالم. فلو فرض علمه بالجزئيّ الزمانيّ على وجه يتغيّر ، ثمّ تغيّر ، فإن بقيت الصورة كما كانت كان جهلا ، وإلّا كانت ذاته تعالى محلّا للصور المتغيّرة بحسب تغيّر الجزئيّات.
أقول : ذهبت الفلاسفة إلى أنّه تعالى لا يعلم الجزئيّ الزمانيّ ، من حيث أنّه جزئيّ زمانيّ يتغيّر ، بل يعلمه على وجه كلّي ، كما يعلم أنّ كسوفا جزئيّا يعرض في أوّل الحمل مثلا ، ثمّ ربّما وقع هذا الكسوف ولم يكن عند العاقل له إحاطة بالوقوع أم لا (١).
__________________
١ ـ كذا في جميع النسخ.