بمعارضته باطلة بإجماع أكثر الأمّة.
قال : فائدة ـ الإيمان تصديق ما يجب تصديقه من دين محمّد صلىاللهعليهوآله. وهذا التفسير أقرب إلى موضوعه اللغويّ من تفسير الوعيديّة. وأهل الكبائر مصدّقون ، فهم مؤمنون ، فيستحقّون الثواب الدائم ؛ لأنّه عوض من الإيمان.
أقول : هنا مسألتان :
الأولى : الإيمان لغة : التصديق قال الله تعالى : (وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ) (١). أي بمصدّق. وشرعا ، قالت الكراميّة : هو التلفّظ بالشهادتين (٢). وهو باطل لقوله تعالى : (قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا) (٣).
وقالت الوعيديّة : هو فعل الواجبات وترك المحرّمات. وهو باطل أيضا لقوله تعالى :
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) (٤). والعطف يقتضي المغايرة ، ولقوله تعالى : (الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ) (٥).
وقيل : اعتقاد بالجنان وإقرار باللسان وعمل بالأركان. ويحمل على الكامل.
والحقّ أنّه التصديق مطلقا ؛ لأنّه لغة كذلك. والنقل على خلاف الأصل ، فهل هو باللسان والقلب معا؟ قال المصنّف في تجريده (٦) وبعض شيوخنا : نعم ، لقوله تعالى :
(وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ) (٧). فلا يكون القلب وحده كافيا ولا اللسان وحده لقوله تعالى : (لَمْ تُؤْمِنُوا) (٨). كما تقدّم. وفيه نظر ؛ لأنّ اليقين القلبيّ من غير إذعان غير كاف ، فجاز أن يكون ذمّهم لعدم الإذعان ، ولهذا لم يقل : وصدّقتها أنفسهم. والحقّ ما اختاره
__________________
١ ـ يوسف / ١٧.
٢ ـ الملل والنحل ١ : ١٠٣.
٣ ـ الحجرات / ١٤.
٤ ـ البقرة / ٢٧٧.
٥ ـ الأنعام / ٨٢.
٦ ـ كشف المراد : ٣٣٩.
٧ ـ النمل / ١٤.
(٨) ـ الحجرات / ١٤.