أقول : ظاهر المسألة أنّ العامي لو قلّد مجتهداً فمات ، فقلّد آخراً فمات ، فيقلّد ثالثاً ، فإذا كان الثاني يقول بجواز البقاء على تقليد الميّت ، فبقي على الأوّل ، فعند موت الثاني هل يبقى على الأوّل ، أو يرجع إلى حيّ ثالث. يقول السيّد بوجوب الرجوع إلى الحيّ الأعلم في جواز البقاء وعدمه أي يرجع إلى المجتهد الثالث.
كما إنّ ظاهر العبارة يحتمل أن يقلّد الثاني في خصوص المسائل الفرعيّة ، ومنها مسألة البقاء ، كما يحتمل خصوص البقاء ، ولمّا كان التقليد عند المصنّف هو الالتزام فيحتمل أن يكون المراد ما هو الأعمّ.
ثمّ الوجوب هنا كما في أصل التقليد وتقليد الأعلم إنّما هو الوجوب الفطري الارتكازي ، فما يدركه عقل العامي في باب التقليد هو تحصيل المؤمّن من العقاب بعد العلم الإجمالي بأنّه مكلّف بتكاليف شرعيّة. والمؤمّن للعقاب في المقام يكون بتقليد الحيّ الأعلم للقطع بحجّية فتواه ، فيقدّم في دوران الأمر بين التعيين والتخيير للاشتغال العقلي قول الأعلم كما ذهبنا إليه ، فيسقط فتوى الميّت عن الحجّية بموته ، كما لا يعتمد على تقليده بتقليده ، للزومه الدور.
فالعقل الفطري الارتكازي كما يقوده إلى أصل التقليد ، ثمّ تقليد الأعلم ، كذلك يقوده بعد موت الأعلم إلى تقليد الحيّ للأعلم.
ولا منافاة بين هذه المسألة والمسألة التاسعة من جواز البقاء على تقليد الميّت ، فإنّه من المطلق والمقيّد ، فيجوز البقاء إلّا في البقاء ، كما أنّ هنا باعتبار العقل الارتكازي للعامي ، وهناك باعتبار نظر المجتهد وفتواه في البقاء ، فلو رجع إلى الحيّ الأعلم ، وأفتى بالجواز ، لجاز البقاء على تقليد الميّت.