الترجيح والجمع والحجّية.
ولا بدّ للمجتهد أن يكون في مقام الاستنباط من الكتاب والسنّة جازماً بدلالتهما على الأحكام الشرعيّة ، حتّى قيل : لا يكفيه الظنّ ، فليس الغاية تحصيل الظنّ بالحكم الشرعي كما عند البعض كالحاجبي ومن يحذو حذوه ، حتّى فسح المجال للأخباريين بالهجوم على المجتهدين الأُصوليين بأنّهم يعملون بالظنّ ، وأنّه لا يغني من الحقّ شيئاً ، بل المجتهد يفتي بالكتاب والسنّة ويقول : هذا ما دلّ عليه الكتاب أو السنّة أو هما معاً ، وكلّما دلّ عليه الكتاب والسنّة فهو حكم الله في حقّي وحقّ من اتّبعني ، فهذا حكم الله جلّ جلاله.
الثانية : لقد ثبت في علم أُصول الفقه أنّ مدارك الأحكام والتي تسمّى بالأدلّة التفصيليّة عبارة عن الكتاب والسنّة والإجماع والعقل ، فالفقيه يعتمد على هذه المدارك في مقام الاستنباط ، وهي الحجّة له ولمن يقلّده ، لما دلّت الروايات على ذلك ، فإنّه يصدق عليه العارف بالأحكام والناظر في الحلال والحرام والراوي للأحاديث ، وهذه من الأوصاف العلميّة للمجتهد كما أنّه مخالف لهواه مطيع لأمر مولاه صائناً لنفسه حافظاً لدينه من الأوصاف العمليّة ، فمثل هذا الفقيه قطعه حجّة لنفسه ولمن تبعه ، وأمّا من حصل له القطع من غير هذه الطرق باختياره أو بغير اختياره كالجفر والرمل أو الرؤيا وما شابه ذلك ، فقطعه وإن كان لنفسه حجّة ، بناء على حجّية القطع الذاتيّة سواء كان معذوراً أو مقصّراً في ذلك ، إلّا أنّه لا يجوز أن يقلّده العامي ، كما لا يكون قضاؤه نافذاً لأنّ الروايات الدالّة على الإرجاع إلى