يشهد به ، كالسخاء والشجاعة والعدالة من الملكات النفسانية ، فكذلك فيما نحن فيه ، فلمّا كان الاجتهاد ملكة نفسانية ، فيعرف ذلك من خلال الآثار والأمارات الواضحة الدالّة على ذلك. فإذا قايس تلك الملكة بعد معرفتها بالآخرين ، فإنّه يعرف من هو الأعلم منهم ، إلّا أنّ إثبات ذلك دونه خرط القتاد ، فإنّه من الصعب المستصعب ، فلا يحصل معرفة الأعلم إلّا بعد جهد جهيد وإتعاب النفس والدقّة الشديدة ، وعدم الحبّ والبغض ، وتخلية النفس من الأهواء والرغبات.
فيمكن معرفة الأعلم في الخارج ، إلّا أنّه وقع نزاع أنّه هل يختصّ ذلك بأهل الخبرة والاستنباط أي من كان مجتهداً كما يهذب إليه الماتن ، أو يعمّ غيره كما ذهب إليه البعض.
والظاهر أنّه يمكن لغير المجتهد إن كان من أهل العلم أو قريب للاجتهاد أن يعرف ذلك ، كما يعرف المجتهد كما يظهر من المسألة الآتية (مسألة ٢٠) إلّا أنّه لا يحصل إلّا مع تحمّل الصعاب والعناء الشاقّ ، فإنّه من الصعب أن يحصل للمجتهد فكيف بغيره؟! والله المستعان.
وإنّما تحصل المعرفة بحضور دروس المراجع ، وقراءة أبحاثهم الفقهيّة والأُصوليّة ، أو مطالعة تقريراتهم أو النظر الدقيق في آرائهم ورسائلهم العمليّة وما شابه ذلك ، فتدبّر.
آراء الأعلام :
في قوله : (المراد من الأعلم) ، قال الشيخ الجواهري : بل المراد بالأعلم هو الأوصل ، ولعلّ بعض هذه الأُمور لها