ففي الكافي :
جعلت فداك فقّهنا في الدين أي لم نكن من المحدّثين والرواة فقط بل من أهل الفقه والفهم في الدين وأعفانا الله عن الناس حتّى أنّ الجماعة منّا في مجلس يسأل فنجيب .. فربما ورد علينا الشيء لم يأتنا عنك وعن آبائك شيء ، فننظر إلى ما يشابه ذلك منكم ، فنأخذ منه ، فقال (عليهالسلام) : هيهات هيهات ، ثمّ قال : لعن الله أبا حنيفة كان يقول : قال علي ، وقلت (١).
فهذه الرواية وأمثالها إنّما هي في ردّ القياس وبطلانه ، وإلّا فإنّ الاستظهار من أقوال الأئمة (عليهمالسلام) واستنباط الحكم منها ، فلا مانع فيه.
فما قاله صاحب العروة أنّ المكلّف إمّا أن يكون مجتهداً فإنّه ناظر إلى الاجتهاد الفعلي لأنّه عدل الاحتياط والتقليد ، وهذه الأعدال الثلاثة الاجتهاد والاحتياط والتقليد إنّما هو بحسب نظر المجتهد ، فإنّه يرى من أدلّة وجوب التعلّم للمسائل الشرعيّة التي يبتلى بها المكلّف يستفاد الاجتهاد والتقليد ، ولا مانع من الاحتياط. ولمثل هذا يقال : لا يجوز للعامي أن يقلّد في جواز التقليد ، فإنّه يلزمه الدور والمصادرة بالمطلوب ، إلّا أنّه يجاب أنّه يكفي في تقليده ما يكفي في أُصول دينه ، فيكفي أن يقال إنّه من الصِّغر علمنا من آبائنا أنّه من لم يكن مجتهداً ولا محتاطاً ، فعليه أن يقلّد ، وبهذا المقدار من العلم يخرج من الدور ، فيكفي في جواز التقليد حينئذٍ.
__________________
(١) الكافي ١ : ٥٦ ، الحديث ٦.