بسماع اسمه ، فكيف بتذكّر أيّام كنّا في خدمته ، وكان يفيض علينا من سيل علومه
المتدفّق ، وكنّا نشرب من سهله العذب ، وما كان قلبي المستهام راضيا بفراقه ولو
بلحظة فكيف بهذا الفراق الطويل!!
وما أحسن أن
نتمثّل بكلام لسيّد المكارم والآداب السيّد عليّ صدر الدّين المدني المعروف بابن
معصوم رضوان الله تعالى عليه :
(شمائله مقتدّة
من برد النسيم ، وأخلاقه منتسخة من الروض الوسيم ، ومحاورته مختلسة من الدّر
النظيم ، وأنواره يقتبس منها محيّا البدر في الليل البهيم ، ذكره أطيب من نفس
الحبيب ، وروحه أخفّ من مغيب الرّقيب ، ومفاكهته أشهى من رشف الثغر الشّنيب ،
وصدره أوسع من الافق الرّحيب).
وقد كتب هذا
المولى المكرّم ترجمتين لنفسه بقلمه الشريف بتلخيص واختصار ، وينبغي لنا أن نتيمّن
بذكر ما ذكره هو نفسه رحمهالله تخليدا لذكراه :
فهو محمّد باقر
جمال الدّين ابن محمّد مهدي بن أحمد الزنجاني ، ولد في بلدة زنجان في صبيحة الليلة
الثانية أو الثالثة والعشرين من شهر رمضان المبارك ، سنة ألف وثلاثمائة واثنتي عشر
من الهجرة المقدّسة ، نشأ واشتغل فيها بما وفّقه الله سبحانه ويسّر له من تحصيل
العلوم العربيّة والأدبيّة الآلية ، والعلوم العالية الدينيّة عند جماعة من
الأساتيد العظام والأساطين الأعلام ، جزاهم الله عنه خير جزاء الصالحين من عباده.
وكان والده رحمهالله من خيار طبقة التجّار المحترفين ، محبّا لأهل العلم
والدّين والتقوى ، وكان كثير الرغبة في انسلال ولده في سلك الروحانيّة ، فواصل هو
امتثالا لأمره وطلبا لمرضاة الله تعالى شأنه في طلب العلم ، والاستكمال في مراتب
العلوم الدينيّة المحضة ، فأخذ الآليات وأوائل العلوم من عدّة من أفاضل