القصد وسائر الأجزاء والقيود للعمل محصّلة ومقدّمة لوجودها ، بل الواجبات إنّما هي نفس تلك الأجزاء والقيود. غاية الأمر ، مع اعتبار الشرع جزء آخر ، هو قصد أن يتعنون ذلك العمل بعنوان الظهريّة والعصريّة مثلا ، فالشكّ في اعتبار شيء من الأجزاء والقيود في العمل ، ليس شكّا فيما هو محصّل للمأمور به ، بل هو شكّ في بعض أجزاء المركّب والمقيّد المأمور به ، ولا مانع من كونه موردا لجريان البراءة.
أقول أوّلا : إنّ من الواضح أنّ اعتبار مثل هذا القصد إنّما هو اعتبار شرعيّ ، كاعتبار سائر الأجزاء والقيود الشرعيّة ، لا أنّه ممّا يعتبره العقل في مرحلة الطاعة لمجرّد أنّ الطاعة لا تحصل عقلا إلّا بها ، كما هو الواقع في التمييز المعتبر في باب النيّة في موارد تعدّد الأمر والاشتراك في المتعلّق مثلا.
وثانيا : كما أنّ من الواضح أيضا أنّ حال هذا القصد والمقصود ، حال سائر الأجزاء والقيود ، في أنّه ممّا يمكن للشارع اعتباره في متعلّق الأمر بنفس الأمر الأوّل ، من دون حاجة إلى خطاب متمّم ، كما يحتاج إليه في اعتبار التقرّب وما يلحق به في باب النيّة.
وثالثا : كما أنّ من الواضح أيضا أنّ مثل هذه العناوين القصديّة ، ممّا يدور تحقّقها مدار قصدها تفصيلا وإجمالا ، ولكنّها ممّا لا يتصوّر فيها القصد إليها اجمالا مع الخطأ في التطبيق ، فكما لو انحنى أحد قدّام أحد بداعي سخريّته واستهزائه زاعما أنّه عدوّه وكان في الواقع مولاه ، فقد تحقّق منه التمسخر والاستهزاء لعدوّه ، ولم يتحقّق منه التعظيم لمولاه ، فلا يصحّ أن يقال إنّه قد قصد تحقّق ما هو مطلوب في الواقع ، وقد أخطأ في التطبيق ، وزعم أنّ ما هو المطلوب