قائمة الکتاب

إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

التيسير في التفسير للقرآن [ ج ٦ ]

التيسير في التفسير للقرآن [ ج ٦ ]

93/472
*

الداعي لا يقلع ، والذي يذهب لا يرجع؟ فعليكم بالصّبر ، والثبات على دينكم.

فأخرج كعب بن أسد ، مجموعة يديه إلى عنقه ، وكان جميلا وسيما ، فلما نظر إليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال له : «يا كعب ، أما نفعتك وصية ابن الحواس؟! الحبر الذكي الذي قدم عليكم من الشام ، فقال : تركت الخمر والخنزير ، وجئت إلى البؤس والتمور ، لنبي يبعث ، مخرجه بمكة ، ومهاجرته في هذه البحيرة ، يجتزىء بالكسيرات والتميرات ، ويركب الحمار العري ، في عينيه حمرة ، بين كتفيه خاتم النبوّة ، يضع سيفه على عاتقه ، لا يبالي من لاقى منكم ، يبلغ سلطانه منقطع الخفّ والحافر؟». فقال : قد كان ذلك يا محمد ، ولو لا أن اليهود يعيّروني أني جزعت عند القتل لآمنت بك ، وصدّقتك ، ولكني على دين اليهودية ، عليه أحيا ، وعليه أموت. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «قدّموه فاضربوا عنقه» فضربت عنقه.

ثم قدم حيي بن أخطب ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «يا فاسق ، كيف رأيت صنع الله بك؟» فقال : والله ـ يا محمد ـ ما ألوم نفسي في عداوتك ، ولقد قلقلت (١) كل مقلقل ، وجهدت كلّ الجهد ، ولكن من يخذل الله يخذل ، ثم قال حين قدّم للقتل :

لعمرك ما لام ابن أخطب نفسه

ولكنه من يخذل الله يخذل

فقدّم ، وضرب عنقه ؛ فقتلهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في البردين : بالغداة ، والعشيّ ، في ثلاثة أيام ، وكان يقول : «اسقوهم العذب ، وأطعموهم الطيب ، وأحسنوا إسارهم». حتى قتلهم كلّهم ، وأنزل الله على رسوله فيهم : (وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ) أي من حصونهم (وَقَذَفَ

__________________

(١) قلقل الشيء : حركه فتحرك واضطرب. «لسان العرب ـ قلل ـ ج ١١ ، ص ٥٦٦».