أخره أحب أن يتأخر معه». (يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ) أي : راجين بذلك تجارة لن تكسد ، ولن تفسد ، ولن تهلك (لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ) أي : قصدوا بأعمالهم الصالحة ، وفعلوها لأن يوفيهم الله أجورهم بالثواب ، (وَيَزِيدَهُمْ) على قدر استحقاقهم. (مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ) لذنوبهم (شَكُورٌ) لحسناتهم. وقال الفراء : خبر إن قوله (يَرْجُونَ تِجارَةً لَنْ تَبُورَ). وروى ابن مسعود عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال في قوله (وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) : هو الشفاعة لمن وجبت له النار ممن صنع إليه معروفا في الدنيا. قيل : يفسح لهم في قبورهم. وقيل : معنى شكور أنه يقبل اليسير ، ويثيب عليه الكثير. تقول العرب : أشكر من بروقة ، وتزعم أنها شجرة عارية من الورق ، تغيم السماء فوقها ، فتخضر وتورق من غير مطر.
ثم خاطب سبحانه نبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : (وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) يا محمد ، وأنزلناه. (مِنَ الْكِتابِ) وهو القرآن (هُوَ الْحَقُ) أي : الصحيح الذي لا يشوبه فساد ، والصدق الذي لا يمازجه كذب ، والعقل يدعو إلى الحق ، ويصرف عن الباطل. (مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) أي : لما قبله من الكتب ، لأنه جاء موافقا لما بشرت به تلك الكتب من حاله ، وحال من أتى به (إِنَّ اللهَ بِعِبادِهِ لَخَبِيرٌ) أي : عالم (بَصِيرٌ) بأحوالهم (١).
* س ١٤ : ما هو معنى قوله تعالى :
(ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (٣٢) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِباسُهُمْ فِيها
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٨ ، ص ٣٤٢.