على خلقه فقال : (اللهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعامَ) من الإبل والبقر والغنم (لِتَرْكَبُوا مِنْها) أي : لتنتفعوا بركوبها (وَمِنْها تَأْكُلُونَ) يعني أن بعضها للركوب والأكل كالإبل والبقر ، وبعضها للأكل كالأغنام. وقيل : المراد بالأنعام ههنا الإبل خاصة ، لأنها التي تركب ، ويحمل عليها في أكثر العادات. واللام في قوله (لِتَرْكَبُوا) لام الغرض ، وإذا كان الله تعالى خلق هذه الأنعام ، وأراد أن ينتفع خلقه بها ، وكان جل جلاله لا يريد القبيح ، ولا المباح ، فلا بد أن يكون أراد انتفاعهم بها على وجه القربة إليه ، والطاعة له. (وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ) يعني من جهة ألبانها وأصوافها وأوبارها وأشعارها. (وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْها حاجَةً فِي صُدُورِكُمْ) بأن تركبوها وتبلغوا المواضع التي تقصدونها بحوائجكم (وَعَلَيْها) أي : وعلى الأنام ، وهي الإبل هنا (وَعَلَى الْفُلْكِ) أي : وعلى السفن (تُحْمَلُونَ) يعني على الإبل في البر ، وعلى الفلك في البحر ، تحملون في الأسفار. علم الله سبحانه أنا نحتاج إلى أن نسافر في البر والبحر ، فخلق لنا مركبا للبر ، ومركبا للبحر (١).
* س ٣٥ : ما هو معنى قوله تعالى :
(وَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَأَيَّ آياتِ اللهِ تُنْكِرُونَ (٨١) أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ فَما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ (٨٢) فَلَمَّا جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَرِحُوا بِما عِنْدَهُمْ مِنَ الْعِلْمِ وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) (٨٣) [سورة المؤمن : ٨١ ـ ٨٣]؟!
الجواب / قال الشيخ الطبرسي : ثم قال سبحانه مخاطبا للكفار الذين جحدوا آيات الله ، وأنكروا أدلته الدالة على توحيده : (وَيُرِيكُمْ آياتِهِ) أي :
__________________
(١) مجمع البيان : ج ٨ ، ص ٤٥٧ ـ ٤٥٩.