لكان يقول : آتونى أفرغه عليه. لأن التقدير فيه : آتونى قطرا أفرغه عليه.
وذهب الكوفيون
إلى أن العامل فيه (آتونى).
ويجوز أن تقدر
حذف الهاء من (أفرغه) ، إذا نصب ب (آتونى) ، كما يجوز أن يقدّر (قطرا) إذا نصب ب (أفرغ)
، ولأنه لا فرق بينهما ، والفرق بينهما ظاهر ، لأنك إذا نصبته ب (آتونى) ، فصلت
بجملة بينه وبين (قطرا) ، وقدرت (لأفرغ) مفعولا ، فارتكبت فى ذلك ضربين من المجاز
، وإذا لم تقدّر فى (أفرغ) مفعولا ، ونصبت (قطرا) به ، وقدّرت (لآتونى) مفعولا ،
تركت ضربين من المجاز ، وإنما ارتكبت ضربا واحدا فبان الفرق.
قوله تعالى : (فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ) (٩٧).
اسطاعوا ،
بمعنى استطاعوا ، يقال : اسطاع واستطاع ، واستاع واستتاع بمعنى واحد.
وزعم قوم أن
فيه لغة أخرى. (أسطاع) بفتح الهمزة ، وأن أصلها (استطاع) ، فحذفت التاء وفتحت
الهمزة.
والصحيح أن (أسطاع)
إذا فتحت الهمزة منه ليس أصله (استطاع) ، وإنما أصله (أطوع) ، ثم نقلت حركة العبن
إلى الفاء ، وقلبت الواو ألفا لتحركها فى الأصل وانفتاح ما قبلها الآن ، وزيدت
السين عوضا عما لحق الكلمة من الوهن والتغيير ، فقالوا : اسطاع ونظير زيادة السين
فى (استطاع) جبرا لما لحق الكلمة من الوهن ، زيادة الهاء فى (اهراق) ، وذلك لأن
الأصل (أراق) ، وأصله (أروق) فنقلت فتحة العين التى هى واو إلى الفاء ، وقلبت
العين ألفا لتحركها فى الأصل وانفتاح ما قبلها الآن ، وزيدت الهاء عوضا عما لحق
الكلمة من الوهن والتغيير ، فالسين فى (استطاع) ليست السين التى هى فى (استاع) ، ولا (اسطاع) مخففا من (استطاع) ، وقد بيّنا ذلك
مستوفى فى مسائل سأل عنها بعض أولاد المسترشد بالله تعالى.
__________________