والجنة والنار ، والعرش والكرسي ، والملائكة ، ولم يقل في صفة شىء منها ما قال في صفة آدم وأولاده. ولم يأمر بالسجود لأحد ولا لشىء إلا لآدم ، وسبحان الله! خلق أعزّ خلقه من أذلّ شىء وأخسّه وهو التراب والطين.
(فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ (٧٢) فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٧٣) إِلاَّ إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ (٧٤))
روح آدم ـ وإن كانت مخلوقة ـ فلها شرف على الأرواح لإفرادها بالذكر ، فلمّا سوّى خلق آدم ، وركّب فيه الروح جلّله بأنوار التخصيص ، فوقعت هيبته على الملائكة ، فسجدوا لأمره ، وظهرت لإبليس شقاوته ، ووقع ـ بامتناعه ـ فى اللعنة.
(قالَ يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ (٧٥) قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (٧٦))
من هنا وقع في الغلط ؛ توهّم أنّ التفضيل من حيث البنية والجوهرية ، ولم يعلم أن التفضيل من حيث القسمة دون الخلقة.
ويقال ما أودع الله ـ سبحانه ـ عند آدم لم يوجد عند غيره ، ففيه ظهرت الخصوصية.
قوله جل ذكره : (قالَ فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (٧٧) وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ (٧٨))
قال فاخرج من الجنة ، ومن الصورة التي كنت فيها ، ومن الحالة التي كنت عليها ، (فَإِنَّكَ رَجِيمٌ) مرميّ باللّعن منى ، وبالشّهب من السماء ، وبالرجوم من قلوب الأولياء إن تعرّضت لهم.