والمتشابه ما استأثر الله بعلمه» (١) ولعل هذا التفسير يتلاءم مع ما يبدو من ظهور هذه الآية (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ)(٢) بناء على ظهورها في ان كلمة (يقولون) خبر إلى (الراسخون) فيكون المتشابه مما استأثر الله عزوجل بعلمه ، وما ورد تأويله من غوامض الآيات عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وأهل بيته عليهمالسلام فهو من المحكم. وللشريف الرضي في تحقيق المراد من هذه الآية حديث يحسن الرجوع إليه في هذا المجال (٣).
ومهما أريد من لفظ المحكم والمتشابه فان الّذي يكون حجة من آيات الكتاب ـ من دون توسط التأويل ـ هو خصوص ما كان منها نصّا في مدلوله أو ظاهرا فيه.
أما حجية ما كان نصا منها فللقطع بمدلوله ، لأن النص هو ما لم يحتمل فيه الخلاف ، والقطع حجيته ذاتية ـ كما سبق ـ وأما الظاهر فحجيته من صغريات مسألة :
حجية الظواهر :
وهي أوضح من ان يطال فيها الحديث ما دام البشر في جميع لغاته قد جرى على الأخذ بظواهر الكلام وترتيب آثارها ولوازمها عليها ، بل لو أمكن ان يتخلّى عنها لما استقام له التفاهم بحال ، لأن ما كان نصا في مدلوله مما ينتظم في كلامه لا يشكل إلا أقل القليل.
وبالضرورة ان عصر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ما كان بدعا من العصور ، لينفرد به الناس في
__________________
(١) إرشاد الفحول : ١ ـ ٣٢.
(٢) سورة آل عمران : الآية ٧.
(٣) راجع : حقائق التأويل : ٥ ـ ١ وما بعدها.