والمهم في الموضوع أن يبحث عن اعتباره أصلا من الأصول في مقابل الكتاب والسنة ودليل العقل ، ثم عن حجيته وما يصلح للدلالة عليها من الأدلة ، ومنها يلتمس مدى وجه الحق في هذه الأقوال وغيرها مما عرض في الكتب المطولة.
هل الإجماع أصل أو حكاية عن أصل؟
ونريد بالأصل هنا أن يكون له كيان مستقل في الحكاية عن الحكم الواقعي ، أي لا يحتاج إلى توسط في عالم الحكاية من قبل أصل من الأصول الثلاثة ، فهو لا يحكي عن الكتاب أو السنة أو العقل ، وإنما هو مستقل في مقابلها في عوالم الحكاية عن الأحكام.
والظاهر أن الكثير منهم يرى أنه لا استقلال له ، يقول الخضري : «لا ينعقد الإجماع إلا عن مستند» (١).
وفي حكايته عن الآمدي وغيره عن بعض الأصوليين : «انه لا يشترط المستند ، بل يجوز صدوره عن توفيق بأن يوفقهم الله تعالى لاختيار الصواب» (٢).
وقد ذكرت أدلة لكل من وجهتي النّظر في كثير من الكتب ، وليس في استعراضها ومناقشتها أية جدوى ، لكون أكثرها واردة بمنأى عن أدلة الحجية.
والّذي يقتضي التركيز عليه استعراض أدلة الحجية ، والنّظر في حدود ما تقتضيه مضامينها من استقلال وعدمه.
وسيأتي ان بعضها يبدو منه استقلاله في الحجية لظهوره بإعطاء العصمة للأمة ، وجعل ذلك من مزاياها على ان يكون لاتفاقها خصوصية في إصابة الحكم الواقعي بمنأى عن بقية الأدلة ، وإذا وجد هناك دليل على وفق الإجماع ، فهو من
__________________
(١) أصول الفقه : ص ٢٧٥.
(٢) المصدر السابق.