يوجب الوثوق بصدورها ، وقد قلنا هناك أن المدار على حصول الوثوق بالصدور ، فإن أحدث تلقي الأمة له بالقبول ذلك كان هو الحجة وإلا فلا.
تبقى مناقشة واحدة وهي واردة على جملة ما ذكر من الأدلة السمعية لا على خصوص هذا الحديث ، وهي ورود لفظ الأمة فيها أو ما يؤدي مؤداها والأخذ بظاهره لا يفيد إلا من قال بأن إجماع الأمة حجة ، أما بقية الأقوال كإجماع المجتهدين أو أهل الحرمين أو الصحابة أو أهل طائفة ما ، فإن هذه الأدلة لا تصلح لإثباتها. والقول بأن الأمة ليست هي إلا مجتهديها وأهل الحل والعقد فيها ، فلا عبرة بغيرهم قول لا يعتمد سوى الخطابة والاستحسان ، وهما لا يصلحان في مقام التمسك بالأدلة على الحجج الشرعية ، فالخروج على النص فيها لا مبرر له ، وأوضح من ذلك في الإشكال قصرها على الصحابة أو أهل المدينة ، وهكذا ...
العقل :
وقد صوّر دليلهم بصور عدة ، لعل أهمها ثلاث :
أولاها : ما ذكر من : «ان الجم الغفير من أهل الفضل والذكاء مع استفراغ الوسع في الاجتهاد وإمعان النّظر في طلب الحكم ، يمتنع في العادة اتفاقهم على الخطأ» (١) ، وقد أشكل على هذا الدليل «بالنقض بإجماع اليهود والنصارى وسائر أهل الملل على ضلالتهم ، مع كثرتهم ، وفضلهم واجتهادهم وإمعانهم في النّظر» (٢). وما أكثر ما يقع الاشتباه في الأمور الحدسية أو البرهانية ، وكم اتفق الفلاسفة على أمر برهاني ، ثم انكشف خطؤه بعد ذلك ، وتاريخ العلماء مليء بذلك.
ثانيها : ما ذكره الشيخ الطوسي قدس سرّه من الاستدلال بقاعدة اللطف ، وقد قربت هذه القاعدة بتقريب أن الله سبحانه يجب عليه ، من باب اللطف بالعباد : «أن لا
__________________
(١) مصادر التشريع : ص ١٠٦ (رسالة الطوفي).
(٢) المصدر السابق.