ـ وهو الّذي تقتضيه مناسبة الحكم والموضوع ـ وعليه فلا تصلح هذه الأدلة لتأخير القاعدة إلا في موارد الحرج الشخصي ، وهي قليلة نسبيا.
٢ ـ دعوى ان الاجتهاد الأول كالثاني :
فلا موجب لرفع اليد عنه بالاجتهاد الثاني ، والقول بعدم الإجزاء لا يتم إلا برفع اليد عن الاجتهاد الأول.
ويرد على هذه الدعوى : انها إنما تتم إذا كان كلا الاجتهادين حجة ، وهذا ما لا يعقل ان يكون ، لأن معنى اجتهاده الثاني هو قيام الحجة لديه على بطلان اجتهاده الأولى لاكتشافه خللا فيه ، كأن يكون قد أفتى أولا ـ استنادا إلى إطلاق أو عموم ـ ثم عثر بعد ذلك على مقيد أو مخصص له ، وليس من الممكن ان يبقى العام على حجيته حتى مع العثور على المخصص أو المقيد ، أو يكون قد استند في اجتهاده السابق على رواية كان يعتقد صحتها ثم تبين له كذب راويها ، وهكذا.
ومع هذا الحال كيف يلتزم بعدم ترجيح الاجتهاد الثاني في صورة معارضته له مع انه لا يعدو ـ في واقعه ـ باب التعارض بين الحجة واللاحجة لا التعارض بين الحجتين؟ ومن المعلوم لزوم الأخذ بما هو الحجة منهما بالضرورة.
٣ ـ القول بأن القضية الواحدة لا تتحمل اجتهادين :
وهو الّذي نسب إلى صاحب الفصول (١). والّذي يؤخذ به عدم وضوح منشأ المفارقة التي سجلها بهذا القول. فهو ان أراد منها ان القضية لا تتحمل اجتهادين مع بقاء حجيتهما للزوم التناقض وشبهه في مدلوليهما ، فهو وان كان صحيحا ، إلا أن القائلين بعدم الاجزاء لا يلتزمون ببقاء الحجية لهما معا ، لبداهة انكشاف الخلل في اجتهاده الأول المانع من حجيته.
__________________
(١) أجود التقريرات : ١ ـ ٢٠٥.