وخلاصة ما انتهى إليه في ذلك اعتبار أمور ثلاثة ان توفرت في شيء ما كشفت عن وجود الحكم فيه ، وهي :
١ ـ كون المصلحة ضرورية.
٢ ـ كونها قطعية.
٣ ـ كونها كلية (١).
وهذا كله إذا وقعت في مرتبة الضروري «وان وقعت في مرتبة الحاجي فقد رأى في المستصفى ردها ، وفي شفاء الغليل قبولها» (٢).
أما الأحناف فالمنسوب إليهم أنهم لا يقولون بالمصالح المرسلة ، ولا يعتبرونها دليلا ، وقد تنظّر الأستاذ خلاف في هذه النسبة ، واستظهر من عدة وجوه خلاف ذلك (٣).
وقد نسب الأستاذ الخفيف إلى الشيعة وأهل الظاهر «العمل بالمصالح المرسلة لكونهم لا يرون العمل بالقياس» (٤) وسيتضح الحال فيها.
ولعل الفصل في هذه الأقوال نفيا أو إثباتا يتضح مما عرضوه للحجية من أدلة ، وقد آثرنا تحريرها على ترتيب ما ذكروه في التقديم والتأخير.
أدلة الحجية من العقل :
وخلاصة ما استدل به للاستصلاح منها بعد إكمال نواقص بعضها ببعض هو :
١ ـ ان الأحكام الشرعية إنما شرعت لتحقيق مصالح العباد ، وان هذه المصالح التي بنيت عليها أحكام الشريعة معقولة ، أي مما يدرك العقل حسنها ، كما انه يدرك قبح ما نهى عنه ، فإذا حدثت واقعة لا نصّ فيها «وبنى المجتهد حكمه فيها
__________________
(١) المستصفى : ١ ـ ١٤١.
(٢) محاضرات في أسباب الاختلاف للخفيف : ص ٢٤٤.
(٣) مصادر التشريع : ص ٧٤.
(٤) محاضرات في أسباب الاختلاف : ص ٢٤٤.