تخصيصها بما دل على الجواز.
وأجيب عن ذلك أيضا بحكومة بناء العقلاء عليها لاعتبار العقلاء هذا النوع من أخبار الآحاد علما من حيث ترتيب جميع آثار العلم عليه ، ومع اعتباره علما ، فهو خارج عن الآيات الناهية عن العمل بغير العلم موضوعا ، فلا يكون مشمولا لها بحال.
واستدلوا أيضا بالإجماع على المنع من العمل بها ، وهو مناقش صغرى وكبرى ، أما الصغرى فلعدم حصوله لما سمعت من أن جل العلماء يذهبون إلى جواز العمل بها ، فأين موقع الإجماع منها؟ وأما الكبرى فلمعارضته بمثله ، وهو ما سبق حكايته عن الشيخ الطوسي قدس سرّه ، على ان هذا النوع من الإجماع يستحيل أن يكون حجة لأنه يلزم من إثبات حجيته عدمها بداهة أن معنى قيامه على عدم العمل بأخبار الآحاد أن لا يكون هو بنفسه حجة لأنه منقول بأخبار الآحاد ، وما يلزم من وجوده عدمه لا يصلح للدليلية أصلا.
أما أدلتهم من العقل ، فأركزها ما سبق ان عرضناه من دعوى استحالة جعل الأحكام الظاهرية من قبل الشارع للزوم تناقضها أو تماثلها مع الأحكام الواقعية ، وقد عرفت في البحوث التمهيدية مناقشتها فلا نعيد.
وكأن بعض المانعين لهذه الأسباب أو ما يشبهها أوهمت كلماتهم نفي الحجية عن نفس السنّة ، وهم لا يريدون ذلك قطعا ، وكان ذلك من نتائج الضيق في الأداء كما يوحي به تفصيل كلماتهم وضم بعضها إلى بعض (١).
شرائط العمل به :
وقد اختلفوا في الشرائط المعتبرة للعمل بأخبار الآحاد ، وفي مقدار اعتبارها ،
__________________
(١) راجع : تاريخ الفقه الإسلامي ، لمحمد يوسف موسى : ص ٢٢٧ وما بعدها.