سنة الصحابة :
يقول الشاطبي : «سنة الصحابة (رض) سنة يعمل عليها ويرجع إليها ، والدليل على ذلك أمور» (١).
والأمور التي ذكرها لا تنهض بإثبات ما يريده ، نعرضها ملخصة :
أحدها : «ثناء الله عليهم من غير مثنوية ، ومدحهم بالعدالة وما يرجع إليها كقوله تعالى : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ)(٢) ، وقوله : (وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً)(٣) ، ففي الأولى إثبات الأفضلية على سائر الأمم ، وذلك يقتضي باستقامتهم على كل حال ، وجريان أحوالهم على الموافقة دون المخالفة ، وفي الثانية إثبات العدالة مطلقا ، وذلك يدل على ما دلت عليه الأولى» (٤).
والجواب على الآية الأولى يقع من وجوه :
أ ـ ان إثبات الأفضلية لهم على سائر الأمم ، كما هو مفاد أفعل التفضيل في كلمة (خير أمة) لا تستلزم الاستقامة لكل فرد منهم على كل حال ، بل تكفي الاستقامة النسبية لأفرادها ، فيكون معناها ان هذه الأمة مثلا في مفارقات أفرادها أقل من الأمم التي سبقتها ، فهي خيرهم من هذه الناحية ، هذا إذا لم نقل إن الآية انما فضلتهم من جهة تشريع الأمر بالمعروف لهم والنهي عن المنكر ، كما هو ظاهر تعقيبها بقوله تعالى : (تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) فلا تكون واردة
__________________
(١) الموافقات : ٤ ـ ٧٤.
(٢) سورة آل عمران : الآية ١١٠.
(٣) سورة البقرة : الآية ١٤٢.
(٤) الموافقات : ٤ ـ ٧٤.