السابقة عنها ، إلا انها تبقى ـ كسابقتها ـ محتاجة إلى ضميمة كلمة الوظائف ، لتشمل كل ما يتصل بوظائف المجتهد من عمليات الاستنباط ، وهذه المؤاخذات واردة على جل الأصوليين حتى المتأخرين منهم كالأستاذ مصطفى الزرقا حيث عرفه ب : «عملية استنباط الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية في الشريعة» (١). لبداهة خروج عمليات استنباط الوظائف من بعض الأصول ـ كالبراءة ، والاحتياط ، والتخيير ـ عن واقع التعريف ، لأن نتائجها ليست أحكاما شرعية كما مر إيضاحه في بحوثها من هذا الكتاب.
والأنسب ـ فيما نرى ـ ان يعرف ب : «ملكة تحصيل الحجج على الأحكام الشرعية أو الوظائف العملية ، شرعية أو عقلية». وهذا التعريف منتزع مما تبنّته مدرسة النجف الحديثة في علم الأصول (٢).
وإنما ذكرنا في التعريف الملكة ، خلافا للتعاريف السابقة جميعا ، لنبعد ما تشعر به كلمات بعضهم من اعتبار الفعلية في الاستنباط ، وذلك لوضوح ان صاحب الملكة يصدق عليه انه مجتهد ، وإن لم يباشر عملية الاستنباط فعلا.
الاجتهاد بمفهومه الخاصّ :
وقد عرفه الأستاذ خلاف ب : «بذل الجهد للتوصل إلى الحكم في واقعة لا نصّ فيها بالتفكير واستخدام الوسائل التي هدى الشرع إليها للاستنباط بها فيما لا نصّ فيه» (٣).
بينما رادف الشافعي بينه وبين القياس ، فقال : انهما «اسمان لمعنى واحد» (٤).
وفي رأي أبي بكر الرازي ان الاجتهاد يقع على ثلاثة معان : «أحدها القياس
__________________
(١) مجلة حضارة الإسلام : ١ ـ عدد ٢ ـ ص ٧.
(٢) راجع : مصباح الأصول : ص ٤٣٤.
(٣) مصادر التشريع : ص ٧.
(٤) الرسالة : (للشافعي) ص ٤٧٧ طبعة مصر.