يخلو من خلط بين الأحكام في مرحلة الجعل والأحكام في مرحلة التبليغ وبينهما وبين الأحكام في مرحلة الفعلية.
كما وقع في مفارقة ان أحكام الشارع هي خطاباته ، مع ان الخطابات إحدى مبرزات أحكامه لا انها عين الأحكام ، ولا منافاة بين ان يكون هناك حكم ولا يكون خطاب به.
وبهذا ندرك أوجه المفارقة في كلامه الّذي لخص به وجهة نظره حيث قال : «والكلام الكاشف للغطاء عن هذا الكلام المبهم هو أنّا نقول : المسائل منقسمة إلى ما ورد فيها نصّ وإلى ما لم يرد.
أما ما ورد فيه نصّ ، فالنص كأنه مقطوع به من جهة الشرع ، لكن لا يصير حكما في حق المجتهد إلا إذا بلغه وعثر عليه ، أو كان عليه دليل قاطع يتيسر معه العثور عليه إن لم يقصر في طلبه ، فهذا مطلوب المجتهد وطلبه واجب ، وإذا لم يصب فهو مقصر آثم.
أما إذا لم يكن إليه طريق متيسر قاطع ، كما في النهي عن المخابرة وتحويل القبلة قبل بلوغ الخبر ، فقد بينّا ان ذلك حكم في حق من بلغه لا في حق من لم يبلغه ، لكنه عرضة ان يصير حكما فهو حكم بالقوة لا بالفعل ، وإنما يصير حكما بالبلوغ أو تيسر طريقه على وجه يأثم من لا يصيبه ، فمن قال : في هذه المسائل حكم معين لله تعالى ، وأراد به انه حكم موضوع ليصير حكما في حق المكلف إذا بلغه ، وقبل البلوغ وتيسر الطريق ليس حكما في حقه بالفعل بل بالقوة فهو صادق ، وإن أراد به غيره فهو باطل.
أما المسائل التي لا نصّ فيها فيعلم انه لا حكم فيها ، لأن حكم الله تعالى خطابه ، وخطابه يعرف بأن يسمع من الرسول أو يدل عليه دليل قاطع من فعل النبي عليهالسلام أو سكوته ، فإنه قد يعرفنا خطاب الله من غير استماع صيغة ، فإذا لم يكن