يوم السقيفة ، وكذلك (تعلموا من قريش) لا اختصاص لأحد به.
«أما قوله : (عالم قريش يملأ الأرض علما) فابن عباس يزاحم الشافعي فيه ، فهو أحق به لسبقه وصحبته ودعاء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم له في قوله : (اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل) (١) فكان يسمى بحر العلم وحبر العرب ، وإنما حمل الشافعية الحديث على الشافعي لاشتهار مذهبه وكثرة أتباعه ، على ان مذهب ابن عباس مشهور بين العلماء لا ينكر.
وأما الرواية في أبي حنيفة وأحمد بن حنبل فموضوعة باطلة لا أصل لها ، أما حديث «هو سراج أمتي» فأورده ابن الجوزي في الموضوعات ، وذكر ان مذهب الشافعي لما اشتهر أراد الحنفية إخماله ، فتحدثوا مع مأمون بن أحمد السلمي وأحمد ابن عبد الله الخوشاري وكانا كذابين وضاعين ، فوضعا هذا الحديث في مدح أبي حنيفة وذم الشافعي ، (وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ).
وأما الرواية في أحمد بن حنبل فموضوعة قطعا لأنا قدمنا أن أحمد كان أحفظ الناس للسنة وأشدهم بها إحاطة حتى ثبت انه كان يذاكر تأليف ألف حديث وانه قال : خرجت مسندي من سبعمائة ألف حديث وخمسين ألف حديث ، وجعلته حجة بيني وبين الله عزوجل فما لم تجدوه فيه فليس بشيء.
ثم ان هذا الحديث الّذي أورده الشيرازي في مناقب أحمد ليس في مسندة ، فلو كان صحيحا لكان هو أولى الناس بإخراجه والاحتجاج به في محنته التي ضيق الأرض ذكرها.
فانظر بالله أمرا يحمل الاتباع على وضع الأحاديث في تفضيل أئمتهم وذم بعضهم ، وما مبعثه إلا تنافس المذاهب في تفضيل الظواهر ونحوها على رعاية المصالح الواضح بيانها الساطع برهانها ، فلو اتفقت كلمتهم بطريق ما لما كان شيء
__________________
(١) مسند أحمد : مسند بني هاشم ، الحديث : ٢٢٧٤ و ٢٧٣١.