الفرع والأصل في العلة المستنبطة من حكم الأصل» (١) ، وتعريف ابن الهمام له : «هو مساواة محل لآخر في علة حكم له شرعي لا تدرك بمجرد فهم اللغة» (٢).
وقد سلم هذان التعريفان من مؤاخذة عامة وردت على أكثر التعاريف التي أخذت في مفهومه ، أمثال هذه الكلمة (تسوية فرع لأصله) ، أو حكمك على الفرع بمثل ما حكمت به على الأصل ، أو حملك الفرع على أصله ، وما شابه ذلك من الألفاظ التي تبعد القياس عن كونه دليلا للمجتهد ، لبداهة أن حمل المجتهد الفرع على أصله وإثبات الحكم له إنما هو وليد إجراء القياس ، فهو متأخر رتبة عن أصل القياس ، فكيف يؤخذ في تعريفه ، ولزوم الخلف أو الدور فيه واضح؟ هذا ، بالإضافة إلى سلامتهما من الإشكالات السابقة. لكن أخذهما كلمة «المستنبطة» أو «لا تفهم من مجرد اللغة» في التعريفين لا يتضح له وجه لإخراجه القياس الجلي أو منصوص العلة عن تعريف القياس ، مع أنهما داخلان في التعريف اصطلاحا ، والآمدي نفسه يأتي بعد ذلك فيقسم القياس إلى جلي وخفي ، أي منصوص العلة ومستنبطها» (٣).
والّذي يبدو لنا أن أسلم التعاريف من الإشكالات ما ورد من أنه «مساواة فرع لأصله في علة حكمه الشرعي» لسلامته من المؤاخذات السابقة ، وصلوحه بعد إقامة الأدلة على حجيته لاستنباط الأحكام الشرعية منه.
والغريب أن يعتبر الأستاذ خلاف هذا التعريف من أبعد التعريفات ، معلّلا ذلك بأن «التعريف إنما هو للعملية التي يجريها القائس ، وتساوي الأصل والفرع في العلة ليس من عمله ، وكذلك القياس المقصود به الوصول إلى حكم الفرع لا إلى
__________________
(١) الأحكام : ٣ ـ ٤.
(٢) سلم الوصول : ص ٢٧٤.
(٣) راجع الأحكام : ٣ ـ ٦٣.