تخصيصه لآية المواريث بخبره الّذي انفرد بنقله : «نحن معاشر الأنبياء لا نورث» (١) ، وعدم الإنكار عليه ، أنه من القائلين بجواز التخصيص بخبر الآحاد.
ودعوى الخضري (٢) أن هذا الحديث ونظائره قد يكون مستفيضا إلى درجة توجب القطع ، غريبة ، لأنها تصادم كلما صحّ نقله في هذا الباب من انفراد الخليفة بنقله (٣).
وما يقال عن التخصيص يقال عن التقييد بأخبار الآحاد لمطلقات الكتاب ، والحديث فيهما واحد.
وإذا صحّ هذا لم نعد بحاجة إلى استعراض ما طرأ على آية (وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ)(٤) ونظائرها من الآيات من التخصيصات المأثورة بأخبار الآحاد ، والمقرة من قبل الصحابة ، كما أنا لم نعد بحاجة إلى مناقشة الحنفية في تفصيلهم الّذي لا يعرف له مأخذ يمكن الركون إليه.
٣ ـ نسخ الكتاب بالسنّة :
ويراد من النسخ ـ على ما هو التحقيق في مفهومه ـ : رفع الحكم في مقام الإثبات عن الأزمنة اللاحقة مع ارتفاعه في مقام الثبوت لارتفاع ملاكه ، وهو لا يتأتى إلا في الأحكام التي تؤدي بصيغ العموم ، أو كل ما يدل عليه ـ ولو بمعونة القرائن ـ من حيث التعميم لجميع الأزمنة.
وارتفاع الأحكام التي تقيد بوقت معين لانتهاء وقتها لا يسمى نسخا اصطلاحا ، وقد أحاله فريق لأدلة عقلية لا تنهض بذلك وسرها الجهل بحقيقته ، بتخيل ان الرفع واقع في مقام الثبوت بعد وضع الحكم على الأزمان اللاحقة للعلم
__________________
(١) مسند أحمد : مسند أبي هريرة ، الحديث ٩٦٥٥ ، وفيه : «انا معشر الأنبياء لا نورث».
(٢) أصول الفقه للخضري : ص ١٨٤.
(٣) راجع مصادره في النص والاجتهاد في قصة فدك وغيره.
(٤) سورة النساء : الآية ٢٤.