تقوم الساعة ، كما هو مقتضى رواية مسلم السابقة ، وأصرح من ذلك روايته الأخرى في نفس الباب : «لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من الناس اثنان» (١).
وإذا صحت هذه الاستفادة فهي لا تلتئم إلا مع مبنى الإمامية في عدد الأئمة وبقائهم وكونهم من المنصوص عليهم من قبله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهي منسجمة جدا مع حديث الثقلين وبقائهما حتى يردا عليه الحوض.
وصحة هذه الاستفادة موقوفة على ان يكون المراد من بقاء الأمر فيهم بقاء الإمامة والخلافة ـ بالاستحقاق ـ لا السلطة الظاهرية.
لأن الخليفة الشرعي خليفة يستمد سلطته من الله ، وهي في حدود السلطنة التشريعية لا التكوينية ، لأن هذا النوع من السلطنة هو الّذي تقتضيه وظيفته كمشرع ، ولا ينافي ذلك ذهاب السلطنة منهم في واقعها الخارجي لتسلط الآخرين عليهم.
على ان الروايات تبقى بلا تفسير لو تخلينا عن حملها على هذا المعنى ، لبداهة ان السلطنة الظاهرية قد تولاها من قريش أضعاف أضعاف هذا العدد ، فضلا عن انقراض دولهم وعدم النص على أحد منهم ـ أمويين وعباسيين ـ باتفاق المسلمين.
ومن الجدير بالذكر ان هذه الروايات كانت مأثورة في بعض الصحاح والمسانيد قبل ان يكتمل عدد الأئمة ، فلا يحتمل ان تكون من الموضوعات بعد اكتمال العدد المذكور ، على ان جميع رواتها من أهل السنة ومن الموثوقين لديهم.
ولعل حيرة كثير من العلماء في توجيه هذه الأحاديث وملائمتها للواقع
__________________
(١) صحيح مسلم : كتاب الأمارة ، الحديث ٣٣٩٢ ، ومسند أحمد : مسند المكثرين من الصحابة ، الحديث : ٤٦٠٠ و ٥٤١٩.