في مقام جعل الحجية لأقوالهم أصلا.
ب ـ ان التفضيل الوارد فيها انما هو بلحاظ المجموع ـ ككل ـ لا بلحاظ تفضيل كل فرد منها على كل فرد من غيرها لنلتزم لهم بالاستقامة على كل حال ، ولذا لا ترى أية منافاة بين هذه الآية وبين ما يدل ـ لو وجد ـ على تفضيل حواري عيسى مثلا على بعض غير المتورعين من الصحابة.
ج ـ انها واردة في مقام التفضيل لا مقام جعل الحجية لكل ما يصدر عنهم من أقوال وأفعال وتقريرات ، إذ هي أجنبية عن هذه الناحية ، ومع عدم إحراز كونها واردة لبيان هذه الجهة لا يمكن التمسك بها بحال.
د ـ ان هذا الدليل لو تم فهو أوسع من المدعى بكثير لكون الأمة أوسع من الصحابة ولا يمكن الالتزام بهذا التعميم.
وقد تنبه الشاطبي لهذا الإشكال ودفعه بقوله : «ولا يقال ان هذا عام في الأمة فلا يختص بالصحابة دون من بعدهم.
لأنا نقول أولا ليس كذلك بناء على انهم المخاطبون على الخصوص ، ولا يدخل معهم من بعدهم إلا بقياس وبدليل أخر ، وثانيا على تسليم التعميم أنهم أول داخل في شمول الخطاب ، فإنهم أول من تلقى ذلك من الرسول عليه الصلاة والسّلام ، وهم المباشرون للوحي ، وثالثا انهم أولى بالدخول من غيرهم إذ الأوصاف التي وصفوا بها لم يتصف بها على الكمال إلاّ هم ، فمطابقة الوصف للاتصاف شاهد على أنهم أحق من غيرهم بالمدح» (١).
ولكن هذه المناقشات لا يتضح لها وجه ، أما الأولى فلأن اختصاص الخطاب بهم مبني على ما سبقت الإشارة إليه من اختصاص الحجية بخصوص المشافهين لامتناع خطاب المعدوم ، وقد تقدم ما فيه ، بالإضافة إلى ان هذا الإشكال لو تم
__________________
(١) الموافقات : ٤ ـ ٧٥.