نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ)(١) وغيرها بعدم طروّ التحريف عليه ، ولا عبرة بمناقشات هذه الآية لكونها واردة على خلاف ظهورها ، والظهور حجة وان لم يوجب القطع بمدلوله للقطع باعتبار الحجية له ، وشبهة الدور لا ترد على مذهب من يؤمن بأهل البيت لإمضائهم عليهمالسلام للكتاب القائم بما فيه هذه الآية كما سيتضح فيما بعد ، على ان الثقة بالصدور لا تستلزم الثقة بالمضمون لعدم التلازم بينهما ، وكلامه صريح في ذلك في أول كتابه بعد ذكره للرواية القائلة «ثم خذوا بالمجمع عليه فان المجمع عليه لا ريب فيه» ، «ونحن لا نعرف من ذلك إلا أقله ولا نجد شيئا أحوط ولا أوسع من رد علم ذلك كله إلى العالم وقبول ما وسع من الأمر فيه بقوله : بأيما أخذتم من باب التسليم وسعكم» (٢) فردها إلى العالم ـ مع تعارض مضمونها ـ والتخيير بينها وأخذ أحدها من باب التسليم ، كل ذلك مما يدل على ان ثقته بالصدور لا تستلزم الثقة بمدلول الأحاديث والتعبد بها ، نعم ما يختاره منها لعمله ملزم بالأخذ به من باب التسليم ، وما يدرينا هنا بأي القسمين من الأخبار المتعارضة قد أخذ لنحمّله مسئوليته؟ هذا إن لم نقل في أنه قد طرح تلك الأخبار الشاذة لمخالفتها للكتاب.
فرواية هذه الأحاديث في الشواذ النوادر من كتابه ، وتعارضها في مروياته ، ولزوم طرحها بالنسبة إلى منهجه الّذي رسمه ، وعدم التلازم بين الإيمان بالصدور ـ لو آمن بصدورها ـ وبين الإيمان بمضمونها ، كل ذلك مما يوجب القطع بطرحه لهذه الأخبار وإيمانه بعدم التحريف.
على ان التحريف لو كان مذهبا له لما صح دعوى الشيخ كاشف الغطاء قدس سرّه (٣) وغيره إجماع الإمامية على عدم التحريف ، ومثل الكليني ممن لا يتجاهل أمره
__________________
(١) سورة الحجر : الآية ٩.
(٢) أصول الكافي : ١ ـ ٩ ، في خطبة الكتاب.
(٣) كشف الغطاء ، كتاب القرآن من كتاب الصلاة ، المبحث السابع والثامن : ٢٩٨.