.................................................................................................
______________________________________________________
وثانيا : انه اذا كان كلا الأمرين : من الاستعمال ، والوضع مجهولي التأريخ ، فسيأتي في الاستصحاب عدم جريان الاستصحاب من رأس في مجهولي التأريخ عند جماعة منهم المصنف ، لا أنه يجري ويتساقط بالمعارضة لعدم اتصال زمان الشك باليقين.
وثالثا : انه يشترط في جريان الاستصحاب ان يكون المستصحب اما بنفسه مجعولا ، كحرمة الخمر ـ مثلا ـ ، أو يكون للمستصحب اثر مجعول بلا واسطة ، كخمرية الخمر ـ مثلا ـ ، والمستصحب في المقام ليس مجعولا شرعيا ، ولا له اثر مجعول بلا واسطة. نعم يترتب اثر مجعول بعد ترتب وسائط كلها غير مجعولة ، فهو من الاصل المثبت وعدم حجيته في الجملة ـ كما سيأتي بيانه ان شاء الله في محله ـ وذلك لوضوح ان المستصحب هو تأخر الاستعمال ، وهو غير مجعول شرعي ، ولازمه تقدم الوضع ، وهو غير مجعول ايضا ، ولازمه كون هذه الالفاظ محمولة على المعاني الحقيقة الموضوعة لها ولازمه ظهورها في ذلك ، ولازمه حجية هذا الظهور ، ولازمه ترتب الحكم بعد ذلك. هذا في الاصل الشرعي التعبدي.
واما الاصل العقلائي الذي أشار اليه بقوله : «ولم يثبت بناء من العقلاء على التأخر» فحاصله : ان العقلاء بنوا على اصالة العدم في موارد خاصة وليس كل ما شك فيه بنى العقلاء على اصالة العدم ، فان اصالة عدم المانع ـ مثلا ـ بنوا عليها فيما لو شك في اصل وجود المانع ، لا فيما اذا شك في مانعية الموجود ، وكذلك اصالة عدم القرينة فانهم لو تم لهم بناء عليها فانما هو فيما لو شك في اصل وجود القرينة لا في قرينية الموجود ، وفي المقام وهو الشك في تأخر الاستعمال عن الوضع لم يحرز من العقلاء على عدم الاستعمال وتأخره عن الوضع.