المبحث الثاني : في أن الصيغة حقيقة في الوجوب ، أو في الندب ، أو فيهما ، أو في المشترك بينهما ، وجوه بل أقوال ، ولا يبعد تبادر الوجوب عند استعمالها بلا قرينة ، ويؤيده عدم صحة الاعتذار عن المخالفة باحتمال إرادة الندب (١) ، مع الاعتراف بعدم دلالته عليه بحال أو
______________________________________________________
الآخر التي ينشا بها الترجي أو التمني ، وكذلك المعاني التي ذكروها لها ، فانها ليست معاني لها بل هي دواع للانشاء وكما عرفت الحال في الاستفهام.
(١) الوجوه والاقوال ذكرها في المتن اربعة :
الأول : كونها حقيقة في الوجوب فقط.
الثاني : كونها حقيقة في الندب فقط.
الثالث : كونها مشتركة بينهما اشتراكا لفظيا ، وهو الذي اراده من قوله : أو فيهما ، فان معنى كون الصيغة حقيقة فيهما معا ، مع جعله في قبال الاشتراك المعنوي لا بد وان يكون هو الاشتراك اللفظي.
الرابع : الاشتراك المعنوي : بان تكون الصيغة موضوعة للجامع بينهما ، فكل من الوجوب والندب فرد له.
وقد اختار المصنف عدم الاستبعاد في دلالتها على الوجوب ، لاجل التبادر بدعوى : انها اذا اطلقت يتبادر منها الطلب الصادر بنحو الحتم والالزام ، ولعل ذكره للتبادر هنا بنحو الاستبعاد لا بنحو القطع والبت هو ان الشرط الراجع إلى الوضع ـ في مقامنا ـ بعيد ان يكون للتنصيص من الواضع على ذلك ، فهو انما يكون من الامور الحاصلة بسبب كثرة الاستعمال فيبقى مجال للشك في بلوغ كثرة الاستعمال الى حد الوضع ولعلها باقية على الانصراف ، لأن الوضع التعيّني يتدرج من الانصراف الى ان يبلغ درجة الوضع.
ثم ذكر (قدسسره) لدليل التبادر مؤيدا ، وحاصل التأييد : هو عدم صحة الاعتذار من العبد في مخالفة الطلب الصادر من المولى بصيغة الامر : بانه كلام يحتمل