المبحث الثالث : هل الجمل الخبرية التي تستعمل في مقام الطلب والبعث مثل يغتسل ، ويتوضأ ، ويعيد ظاهرة في الوجوب أو لا؟ لتعدد المجازات فيها ، وليس الوجوب بأقواها ، بعد تعذر حملها على معناها من الاخبار ، بثبوت النسبة والحكاية عن وقوعها الظاهر الاول ، بل تكون أظهر من الصيغة (١) ، ولكنه لا يخفى أنه ليست الجمل الخبرية
______________________________________________________
(١) عنون المصنف هذا المبحث اولا على نحو ما عنونه القوم ، وظاهر عنوانهم ان الجملة الخبرية التي اريد بها الطلب هي مستعملة في الطلب ، ولذا قال : الجملة الخبرية التي تستعمل في مقام الطلب ، فيظهر منهم ان الطلب مدلول للجملة الخبرية بالدلالة المطابقية.
وبعد تطابقهم على هذا اختلفوا في ان المعنى المطابقي لها هل هو الوجوب وانها ظاهرة فيه كظهور صيغة الامر في خصوص الطلب الوجوبي؟
أو انها لا ظهور لها في الطلب الوجوبي لانها لم تستعمل في معناها الحقيقي قطعا وانما هي مستعملة مجازا في غير معناها الموضوعة له فلا يتعين الوجوب لتعدد المجازات ، فانه كما يحتمل الوجوب كذلك يحتمل الندب ويحتمل ايضا الرجحان الجامع بين الوجوب والندب ، فلا تعين لخصوص الوجوب الّا بمعين خاص وقرينة تدل عليه ، والمفروض ان الكلام خال عن القرينة المعينة للوجوب ، فالقدر المتيقن هو عدم استعمالها في معناها الحقيقي وهو الاخبار والاعلام بثبوت النسبة خارجا والحكاية عن تحققها ووقوعها ، وانما هي مستعملة في الطلب ولكن لا يتعين الوجوب بخصوصه لتعدد الاحتمالات المجازية.
وقد وافق المصنف مدعى ظهورها في الطلب الوجوبي ، فقال : «الظاهر الاول بل تكون» في دلالتها على الوجوب «اظهر من الصيغة» في دلالتها عليه ، وليس ظهورها فيه لكونها مستعملة فيه مجازا وانه اقرب المجازات ، بل هي ظاهرة فيه مع انها مستعملة في معناها ، وهذا هو السبب في كونها اظهر من الصيغة في الدلالة على