المبحث السادس : قضية إطلاق الصيغة ، كون الوجوب نفسيا تعيينيا عينيّا ، لكون كل واحد مما يقابلها يكون فيه تقيد الوجوب وتضيق دائرته ، فإذا كان في مقام البيان ، ولم ينصب قرينة عليه ، فالحكمة تقتضي كونه مطلقا ، وجب هناك شيء آخر أو لا ، أتى بشيء آخر أو لا ، أتى به آخر أو لا ، كما هو واضح لا يخفى (١).
______________________________________________________
من أي سنخ هو فلا بد للشارع ان يلحق الامر الاول بامر ثان ليتم البيان ، ويحصل الغرض الداعي للامر ، فان الغرض كما يدعو للامر الاول يدعو ايضا للامر الثاني حيث لا طريق للعقل الى ادراكه ، بل يمكن ان يقال : انه لا يشترط في مجرى البراءة ان يدل الشارع على دخالة قصد القربة في متعلق الامر بأمر ثان ، بل يكون مجرى البراءة العقلية والشرعية متحققا اذا بيّن الشارع دخالة قصد القربة ، ولو بنحو الاخبار والارشاد الى دخالته في الغرض ، وكونه جزءا في الواقع ، لأن مجرى البراءة العقلية موضوعه البيان ولا اختصاص بخصوص البيان بنحو الامر ، والبراءة الشرعية وان كان مجراها لا بد فيه من امكان الوضع والرفع ، إلّا ان الوضع والرفع ايضا لا يختص بالبيان بنحو الامر ، بل بما هو مخبر ومرشد الى دخالة الشيء في الواقع يمكنه ايضا ان يضع ويرفع ، فان من جملة طرق امكان الرفع والوضع الاخبار من الشارع بالدخالة وعدم الدخالة ، فالشارع في هذا المقام وان كان مخبرا الّا انه حيث لا طريق الى هذا الخبر الّا من ناحية الشارع ، يكون هذا الطريق نحوا مما هو امره بيد الشارع أيضا. هذا ، مضافا الى ما ذكرنا في التعليقة على هذا الشرح : من امكان اخذ قصد القربة في متعلق الامر الواحد ، وانه لا يرد عليه شيء من المحاذير التي ذكرت في امتناع اخذه فراجع.
(١) لا يخفى ان الوجوب جامع بين جميع افراده : من الوجوب النفسي والوجوب الغيري ، والوجوب التعييني والوجوب التخييري ، والوجوب العيني والوجوب