الثالث عشر : إنه اختلفوا في أن المشتق حقيقة في خصوص ما تلبس بالمبدإ في الحال ، أو فيما يعمه وما انقضى عنه على أقوال ، بعد الاتفاق على كونه مجازا فيما يتلبس به في الاستقبال ، وقبل الخوض في المسألة ، وتفصيل الاقوال فيها ، وبيان الاستدلال عليها ، ينبغي تقديم أمور (١):
______________________________________________________
بينهما ، فيكون متى حضر المعنى باستعمال اللفظ فيه يحضر المعنى الآخر الذي جمعت الصدفة بينهما. وهذا ما يسمى تداعي المعاني. إلّا ان هذا المعنى الأخير خلاف ظاهر الاخبار فان ظاهرها ان البطون مرتبطة بالقرآن بالربط الدلالي لا من باب تداعي المعاني.
ـ ومنها : أن يكون اللفظ بالنسبة إلى المعنى قالبا وفانيا فيه وبالنسبة إلى البطون علامة. وقد عرفت ـ فيما تقدم ـ : ان الممتنع هو استعمال اللفظ في اكثر من معنى بنحو كونه وجها له وفانيا فيه ، لا بنحو كونه علامة عليه ، فإنه لا مانع من ان يكون الشيء الواحد علامة على عدة أمور.
والظاهر ان مراد المصنف هو الأخير بقوله : «فلعله كان بارادتها في انفسها حال الاستعمال في المعنى لا من اللفظ كما اذا استعمل فيها» : أي ان تلك البطون لم ترد من اللفظ بنحو الاستعمال وان اريدت منه بنحو كونه علامة عليها فهي قد اريدت بانفسها حال الاستعمال إلّا انها لم ترد بنحو ان يكون اللفظ مستعملا فيها ، بل كان علامة عليها : والممتنع هو أن تكون مرادة من اللفظ بنحو ان يكون مستعملا فيها.
ثم لا يخفى أنه من البعيد جدا حمل عبارة المصنف على الاحتمال الرابع ، وهو ما قبل الاحتمال الاخير الذي اوضحناه بتداعي المعاني. وقد اشار المصنف ايضا الى الاحتمال الاول بقوله : «او كان المراد من البطون لوازم معناه المستعمل فيه اللفظ» فتكون الدلالة التزامية.
(١) لا يخفى ان العلماء اتفقوا على ان حمل هذه المشتقات واطلاقها على المتلبس بها في حال تلبسه بها حقيقة.