فتلخص مما حققناه : ان التشخص الناشئ من قبل الاستعمالات لا يوجب تشخص المستعمل فيه ، سواء كان تشخصا خارجيا ، كما في مثل اسماء الاشارة ، او ذهنيا كما في اسماء الاجناس والحروف ونحوهما ، من غير فرق في ذلك اصلا بين الحروف واسماء الاجناس. ولعمري ، هذا واضح ، ولذا ليس في كلام القدماء : من كون الموضوع له او المستعمل فيه خاصا في الحروف عين ولا أثر ، وانما ذهب اليه بعض من تأخر ، ولعله لتوهم كون قصده بما هو في غيره من خصوصيات الموضوع له ، او المستعمل فيه ، والغفلة من ان قصد المعنى من لفظه على انحائه لا يكاد يكون من شئونه ، واطواره ، والّا فليكن قصده بما هو هو وفي نفسه كذلك. فتأمل في المقام ، فانه دقيق. وقد زل فيه اقدام غير واحد من اهل التحقيق والتدقيق.
الثالث ـ صحة استعمال اللفظ فيما يناسب ما وضع له ، هل هي بالوضع ، او بالطبع؟ ... وجهان ، بل قولان : اظهرهما انها بالطبع ، بشهادة الوجدان بحسن الاستعمال فيه ، ولو مع منع الواضع عنه ، وباستهجان الاستعمال فيما لا يناسبه ، ولو مع ترخيصه. ولا معنى لصحته الا حسنه. والظاهر ان صحة استعمال اللفظ في نوعه ، او مثله من قبيله ، كما تأتي الاشارة الى تفصيله.
الرابع ـ لا شبهة في صحة اطلاق اللفظ وارادة نوعه به ، كما اذا قيل : ضرب ـ مثلا ـ فعل ماض ، او صنفه ، كما اذا قيل : زيد في (ضرب زيد) فاعل (١) ، اذا لم يقصد به شخص القول او مثله ، كضرب في المثال فيما
______________________________________________________
(١) لا يخفى ان زيدا باعتبار كونه لفظا ماهية من الماهيات ، وطبيعة من الطبائع لها نوع : وهو طبيعي لفظ زيد ـ مثلا ـ الصادق على لفظ زيد ـ مثلا ـ مطلقا سواء كان في جملة ، أو وحده ، وسواء أكان في جملة خاصة ، ام لا ، ولها صنف : وهو لفظ زيد