خامسها : إن المراد بالحال في عنوان المسألة ، هو حال التلبس لا حال النطق ضرورة أن مثل كان زيد ضاربا أمس أو سيكون غدا ضاربا حقيقة إذا كان متلبسا بالضرب في الامس في المثال الاول ، ومتلبسا به في الغد في الثاني ، فجري المشتق حيث كان بلحاظ حال التلبس ، وإن مضى زمانه في أحدهما ، ولم يأت بعد في الآخر ، كان حقيقة بلا خلاف (١) ، ولا ينافيه الاتفاق على أن مثل زيد ضارب غدا مجاز ، فإن
______________________________________________________
له من طبيعته وذاته اقتضاء القتل يكون له نحو اختصاص بالقتل دون غيره ممن يصدر منه القتل ، لا بالذات والطبيعة.
فاذا حصل للذات هذا الاختصاص صح اطلاق هذه المشتقات عليها في حال الانقضاء اما بعناية ان هذا الاختصاص يوجب فرض وجود المبدإ مع الذات ، وانه لا يفارقها ، فاطلاقها عليها بنحو العناية ، إلّا ان العناية لا يحتاج فيها الى مزيد مئونة او ان الغرض من اطلاق هذه الاوصاف عليها بيان القوة ، لا الفعلية ، فكانها قضية صرح : بان الحمل فيها والجري بالقوة ، كقولك : زيد كاتب بالقوة ، فان الغرض فيها : ان زيدا له قوة الكتابة ، لا فعلية الكتابة ، واتصافه بالقوة فعلي ، لا بالقوة.
بقي الكلام في اللابن والتامر والحداد ، لا من الجهة التي ذكرناها ، فان الكلام فيها من هذه الجهة هو الكلام فيما مر ، بل من جهة انها ليست من المعاني الحدثية فان اللبن والتمر والحديد من الاعيان فكيف يصح تلبس الذات بها.
والظاهر ان التلبس فيها ليس لذاتها بل نسبة التلبس لها تبعي بتبع بيع هذه الاعيان ، وليس التلبس بها بذاتها ، وانما نسب التلبس بها للذات ، من حيث تلبس الذات بالبيع المضاف الى هذه الاعيان فهي متلبسة بها بتبع ما اضيف اليها.
(١) لقد ذكر الحال في العنوان ، فقالوا : هل المشتق حقيقة فيمن تلبس بالمبدإ في الحال ، أو في الاعم منه وما انقضى عنه؟