.................................................................................................
______________________________________________________
والذي يراه الماتن : ان هذه العوارض كلها ذاتية ، لأنها جميعا ليست نسبتها إلى العروض بحسب النظر العرفي بالعرض والمجاز ، كنسبة الجريان إلى الميزاب ، وانها منسوبة اليه بحال متعلقه لا بحال نفسه. كيف والحرارة تعرض على نفس الماء حقيقة والحيوان الموجود في ضمن الانسان متكلم حقيقة ايضا ، والناطق متحرك بالارادة حقيقة.
ومما يدل على ما ادعاه (قدسسره) : ان الوجوب والحرمة العارضين للصلاة ولشرب الخمر في علم الفقه قد عرضا عليهما بواسطة المصالح والمفاسد ـ كما هو رأي مشهور العدلية ـ مع ان المصالح والمفاسد مباينان لهما. وعلى ما التزم به المشهور في العرض الذاتي تكون اعراضا غريبة ، والالتزام بكونها غريبة غريب جدا ، إلّا أن يلتزموا : بان الموضوع ليس هو فعل المكلف مطلقا ، بل المتغير بالمصلحة أو المفسدة ، والحال لم يصرح احد بهذا القيد.
والذي يزيد المسألة اشكالا : ان اهل المعقول فسروا العرض الذاتي بما فسره الماتن ، ومع ذلك التزموا : بان العارض للشيء بواسطة امر أعم أو اخص داخليا كان أو خارجيا عرض غريب ، لأن مرادهم من الواسطة في العروض المقابلة للعرض الذاتي ما كانت بحسب النظر الدقي لا العرفي ، فان النظر العرفي يرى : ان الوصف وصف له بحال نفسه لا بحال متعلقه. فعروض الضحك ـ مثلا ـ للحيوان الذي هو جزء من الانسان ليس بحسب النظر العرفي وصفا له بحال متعلقه ، وليس هو عندهم كوصف الجريان للنهر ، وليس هذا من الواسطة في العروض. نعم بحسب النظر الدقي ليس عرضا ذاتيا ، اما بحسب العرف فهو عرض ذاتي ، ولذلك لو كان بحسب النظر الدقي للزم خروج جملة من العوارض المبحوث عنها في هذا العلم وغيره عن كونها اعراضا لموضوع العلم. فالرفع المبحوث عنه في باب الفاعل يعرض موضوع علم النحو وهو الكلمة والكلام بواسطة الفاعلية وهي اخص من الكلمة والكلام ، ومثل مقدمة الواجب المبحوث عن الملازمة فيها في علم الاصول ، فانها إنما يعرضها