تذنيبان
الاول : لا ينبغي توهم الاجزاء في القطع بالامر في صورة الخطأ ، فإنه لا يكون موافقة للامر فيها ، وبقي الامر بلا موافقة أصلا ، وهو أوضح من أن يخفى (١) ، نعم ربما يكون ما قطع بكونه مأمورا به مشتملا على المصلحة في هذا الحال ، أو على مقدار منها ، ولو في غير الحال ، غير ممكن مع استيفائه استيفاء الباقي منه ، ومعه لا يبقى مجال لامتثال الامر الواقعي (٢) ، وهكذا الحال في الطرق ، فالاجزاء ليس لاجل اقتضاء امتثال
______________________________________________________
(١) لا يخفى ان القطع حجيته غير مجعولة ، لأن ذاته وحقيقته عين الانكشاف ، فلا يعقل جعل الانكشاف له ، ولا يعقل ايضا جعل لوازمه من المنجزية لو اصاب ، والمعذرية لو خالف ، لما سيأتي في مباحث القطع : من عدم امكان ذلك ، وعلى فرض جعل حجيته بمعنى منجزيته ومعذريته فليس على طبقه حكم مجعول حتى يمكن ان يكون بدلا عن الواقع ، فاذا انكشف الخلاف فلا بد من الاعادة في الوقت لشغل الذمة بالحكم الواقعي ، ولم يسقط لا باتيان المامور به ولا باتيان بدله ، وكذلك القضاء لفوت المامور به في الوقت الذي هو الموضوع لوجوب القضاء ، فالقاعدة تقتضي عدم الاجزاء ولذا قال (قدسسره) : «لا ينبغي توهم الاجزاء في القطع بالامر في صورة الخطأ فانه» : أي في صورة الخطأ لم يات بما هو المامور به واقعا وحينئذ «لا يكون موافقة للامر فيها» : أي في صورة الخطا «وبقي الامر بلا موافقة اصلا».
(٢) لا يخفى انه قد دل الدليل الخاص في موردين على اجزاء ما اتى به غير العامد ، مع كون ما اتى به مخالفا للواقع : وهما مورد الاتيان بالتمام للمسافر الذي حكمه القصر ، والاتيان بالصلاة الجهرية لمن حكمه الاخفات او بالعكس : أي الاتيان بالصلاة الاخفاتية لمن حكمه الجهر ، كقراءة العصر جهرا ، او قراءة المغرب اخفاتا.
وقد دل الدليل ايضا على عدم الاجزاء فيما لو فعل ذلك عمدا لا خطأ ، لوضوح انه لا يجوز للمسافر ان يصلي تماما عمدا ، ولا يجوز للمكلف ان يجهر ويخفت عمدا ،