الفورية (١). وفيه منع ، ضرورة أن سياق آية (وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ) وكذا آية (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ) إنما هو البعث نحو المسارعة إلى المغفرة والاستباق إلى الخير ، من دون استتباع تركهما للغضب والشر ، ضرورة أن تركهما لو كان مستتبعا للغضب والشر ، كان البعث بالتحذير
______________________________________________________
(١) استدل القائلون بالفورية بادلة عمدتها الآيات : وهي آية (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ)(١) ، وآية (وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ)(٢) بتقريب دلالتهما على الامر بالسبق والامر بالمسارعة ، والامر يدل على الوجوب.
اما آية الاستباق ، فلان فعل المامور به من الخير فتدل آية الاستباق على وجوب السبق اليه ، وليس الفورية الّا وجوب السبق الى فعل المامور به.
واما آية المسارعة فدلالتها على المطلوب : بان نقول : لا شبهة في ان فعل المغفرة من افعال الله تبارك فليست من مقدور العبد ، فلا بد وان يكون المتعلق للمسارعة هو فعل المكلف ، وفعل المكلف الذي هو سبب المغفرة ورضى الله تعالى عنه هو فعل المامور به ، فاتضح ايضا دلالة الآية على الفورية ، اذ ليس الفور الّا المسارعة.
لا يقال : ان آية المسارعة الى المغفرة منحصرة في المسارعة الى التوبة ولا تشمل فعل المامور به ، لانه لو كان فعل المامور به سببا للمغفرة للزم الاحباط الباطل عند الامامية ، لأن المغفرة انما هي للذنوب التي فعلها العبد ، وسقوط الذنوب اذا كانت بفعل الواجبات المامور به فمعناه ان فعل الواجب والاتيان به يسقط الذنوب التي اقترفها ، وليس الاحباط إلا سقوط السيئة بفعل الحسنة.
فانه يقال : الاحباط الذي هو من المحال عند الامامية هو سقوط الاستحقاق لا فعل سبب المغفرة التي هي من افعال الله ، والّا فالامر في التوبة كذلك ولا اشكال في وجوب التوبة عند الامامية.
__________________
(١) البقرة : الآية ١٤٨.
(٢) آل عمران : الآية ١٣٣.