فانقدح بذلك أنه لا وجه لاستظهار التوصلية من إطلاق الصيغة بمادتها (١) ، ولا لاستظهار عدم اعتبار مثل الوجه مما هو ناشئ من قبل
______________________________________________________
نعم البصر واللابصر متقابلان بتقابل السلب والايجاب ، فلا يعقل ان يجتمعا في أي شيء من الاشياء ، ولا يعقل ان يرتفعا عن أي شيء من الاشياء ، فالحجر يصح ان يقال : لا بصر له وان كان لا يصح ان يقال انه اعمى كما عرفت فان اللابصر هو سلب البصر فقط من دون اخذ القابلية ، والحجر لا بصر له ، والاطلاق ليس هو صرف عدم القيد حتى لا يمكن ان يخلو عنهما شيء من الاشياء ، لامتناع ان يخلو عن الايجاب أو السلب كل شيء ، بل هو عدم القيد عما من شانه ان يكون له ذلك القيد ، فهما متقابلان بتقابل العدم والملكة فلا بد وان يكون الاطلاق وهو عدم اخذ القيد فيما يمكن اخذ القيد فيه ، وقد ثبت بما مر ان اخذ قصد القربة في متعلق الامر مما لا يمكن اخذه ، فلا يعقل ان يكون للكلام الذي لم ياخذ فيه قصد القربة اطلاق به نتمسك ، لعدم تقييد متعلق الامر بقصد القربة.
وبعبارة اخرى : ان المتحصل من الاطلاق هو ان نقول : ان المولى لو اراده لبيّنه ، واذا لم يمكن للمولى ان يبينه في متعلق امره فكيف يمكن ان نقول : لو اراده لبيّنه؟
لامكان ان يكون قد اراده ولكنه لا يمكنه ان يبيّنه وياخذه في متعلق امره ، فلو كان المولى في مقام البيان لكل ما يمكن اخذه في متعلق امره ولم يبين اخذ القربة لا نستطيع ان نقول : انه لم يرده ، لانه إنما يكون عدم بيانه دليلا على عدم ارادته حيث يمكنه بيانه ، اما اذا لم يمكن بيانه باخذه في متعلق امره فلا دلالة لعدم اخذه في متعلق امره على عدم ارادته له واقعا ، ولذا قال (قدسسره) : «فلا يكاد يصح التمسك به الا فيما يمكن اعتباره فيه».
(١) لا يخفى ان التوصلي والتعبدي من التقسيمات اللاحقة للواجب وهو المادة ومتعلق الطلب ، واما الوجوب وهو المستفاد من نفس الهيئة بذاته فلا ينقسم الى التوصلية والتعبدية ، لوضوح ان نفس الوجوب في التوصلي والتعبدي لم يختلف