قلت : مضافا إلى القطع بأنه ليس في العبادات إلا أمر واحد ، كغيرها من الواجبات والمستحبات ، غاية الامر يدور مدار الامتثال وجودا وعدما فيها المثوبات والعقوبات ، بخلاف ما عداها ، فيدور فيه خصوص المثوبات ، وأما العقوبة فمترتبة على ترك الطاعة ومطلق الموافقة (١).
______________________________________________________
(١) حاصله يتضمن جوابين عن اخذ قصد القربة بتوسط امرين يتعلق احدهما بذات الفعل ، والثاني باتيانه بقصد الامتثال والقربة.
الجواب الاول : ان ما ذكرتموه هو صرف امكان في اخذ قصد القربة في متعلق الاوامر العبادية ، اما وقوعا فلا تحقق له ولا اثر منه في الاوامر الوجوبية المتعلقة بالعبادات ، وليس في الاوامر العبادية الوجوبية الّا امر واحد ، كغيرها من الاشياء غير العبادية وهي الواجبات التوصلية او المستحبات العبادية ، ولم يرد في لسان الشارع امران : امر متعلق بذات العبادة ، وامر متعلق باتيانها بقصد امتثال امرها ، والذي ورد في القرآن والسنة صلوا ، وزكوا ، وصوموا ، وحجوا وهو امر واحد متعلق بها وليس هناك امران.
ثم استطرد (قدسسره) إلى ذكر الفرق بين الاوامر التوصلية والاوامر العبادية بما حاصله : انه بين الامتثال في الواجبات التوصلية والواجبات العبادية فرقان :
الاول : هو ان الواجبات التوصلية يمكن ان يتاتى فيها الاطاعة الموجبة لاستحقاق الثواب وهي اتيانها بنحو يضاف اليه تبارك وتعالى ، وهي الاطاعة الموجبة للمدح وكون العبد مؤديا وظيفة العبودية ، وقائما بما هو عدل في مراسم الرقيّة ، وهو اتيانها بقصد امتثال امرها لا بقصد آخر ، وهذا هو معنى الاطاعة بمعنى ما يوجب استحقاق المدح والثواب.
والثاني : انه يمكن ان يتحقق فيها الاطاعة بمعنى المؤمّن من تبعة العقاب فقط من دون استحقاق للمدح والثواب ، وهو اتيان متعلق الامر فيها لا بداعي امتثال الامر بل بداع آخر ، كمثل ان يدفن الميت لا بقصد امتثال امر الله بدفنه ، بل اما لمحبته