إن قلت : نعم لكن هذا كله إذا كان اعتباره في المأمور به بأمر واحد ، وأما إذا كان بأمرين : تعلق أحدهما بذات الفعل ، وثانيهما بإتيانه بداعي أمره ، فلا محذور أصلا ، كما لا يخفى. فللأمر أن يتوسل بذلك في الوصلة إلى تمام غرضه ومقصده ، بلا منعة (١).
______________________________________________________
الى ما تعلق به ، فاذا كان علة لدعوته كان علة لنفس عليته ، ولذا قال (قدسسره) : «ولا يكاد يمكن الاتيان بالمركب من قصد الامتثال بداعي امتثال امره».
(١) ومحصله : انه اذا كان قصد الامتثال مأخوذا في الصلاة بامر واحد يتعلق بالصلاة بقصد امرها : بان يقول : صلّ بقصد امتثال امر الصلاة فانه يلزم الدور كما تقدم ، سواء اخذ على نحو الشرطية او الجزئية اذا كان الماخوذ قصد امتثال هذا الامر الشخصي المتعلق بالصلاة ، ويلزم عدم امكان امتثال الصلاة اذا لم يكن قصد الامتثال الماخوذ في الصلاة هو قصد امتثال شخص هذا الامر ، بل كان بنحو ما تصور في التوهم لعدم الامر بناء على اخذه بنحو الشرطية ، وعدم امكان امتثال البعض الّا اذا امكن امتثال المجموع ، وبعض المجموع لا يمكن امتثاله لمحالية اتيان قصد القربة بداعي قصد القربة كما مر تفصيله.
واما اذا كان بامرين : بان يتعلق امر بنفس الصلاة فيقول الآمر : صلّ ، ثم يأمر ثانيا فيقول : ائت بقصد الامر في الصلاة ، فان كلا الامرين توصليان ، الاول تعلق بنفس الصلاة ، والثاني تعلق بقصد القربة وقصد القربة بذاته تعبدي.
ونتيجة هذين الامرين هو اتيان الصلاة بقصد القربة ، لأن الصلاة من العبادات التي لا يترتب الغرض الّا باتيانها بقصد القربة ، فالغرض حيث يدعو الى اتيان الصلاة بقصد القربة ولا يمكن اخذ قصد القربة في الصلاة بامر واحد ، فيتوصل الآمر الى غرضه بامرين : احدهما يتعلق بالصلاة ، والآخر بقصد القربة فيها ، ولا يلزم محذور اصلا من المحاذير التي تقدم ذكرها.