الطلب ، إلا أن الداعي إلى ذلك ، كما يكون تارة هو البعث والتحريك نحو المطلوب الواقعي ، يكون أخرى أحد هذه الامور ، كما لا يخفى (١).
______________________________________________________
وثالثا : ان الطلب في جميع ما ذكروه من المعاني للصيغة هو المتبادر والمفهوم منها عند اطلاقها في هذه الموارد ، فان المفهوم من قوله تعالى : (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) هو طلب الاتيان بالسورة. نعم ، الداعي لهذا الطلب ليس هو الطلب الجدّي لاتيانهم بالسورة ، بل هو تعجيزهم.
فاتضح ان كون هذه المعاني هي المستعمل فيها صيغة افعل واضح البطلان ، ولذا قال (قدسسره) : «ربما يذكر للصيغة معان قد استعملت فيها» فان ظاهر كلامهم هو كون هذه المعاني مدلولة لهيئة الامر ، وقد عرفت بطلانه ، ولذا قال : وهذا كما ترى.
(١) لما عرفت عدم كون هذه المعاني من المستعمل فيها الصيغة فلا تكون من معاني الصيغة حقيقة ولا من معانيها مجازا : بمعنى كون اللفظ مستعملا في معنى مباين للمعنى الحقيقي لمناسبة له مع المعنى الحقيقي ، كاستعمال اللفظ الموضوع للحيوان المفترس في الرجل الشجاع ، فان هذا النحو من المجازية لا مساغ له في المقام ، لأن المجازية بهذا المعنى تستلزم كون هذه المعاني مدلولة للصيغة ، وقد اتضح ان هيئة الامر لم تستعمل في هذه المعاني ، بل هذه المعاني من دواعي استعمال الصيغة.
نعم ، يمكن دعوى المجازية بنحو آخر ، وذلك بسبب اختلال شرط الوضع ، فان المجازية كما تكون باستعمال اللفظ الموضوع لمعنى في معنى مباين له ، كذلك تكون باستعمال اللفظ في نفس المعنى الموضوع له اذا اختل شرط الوضع في مقام الاستعمال ، فالصيغة في هذه الموارد كلها لم تستعمل الّا في الطلب الّا انه ليس بداعي البعث والتحريك جدا.
فيمكن ان يدعى ان الصيغة موضوعة للطلب لكن بشرط ان يكون الداعي له هو البعث والتحريك الجدي ، فاذا استعملت في الطلب لا بهذا الداعي بل بداع آخر