فإن السعيد سعيد في بطن أمه ، والشقي شقي في بطن أمه والناس معادن كمعادن الذهب والفضة ، كما في الخبر ، والذاتي لا يعلل ،
______________________________________________________
فالاختيار بحسب ذاته وهويته نقيض اللااختيار وضد الاضطرار فلا مانع من ان يكون هذا الاختيار الذي هو نفس حقيقته وهويته كون الفاعل ان اراد فعل وان لم يرد لم يفعل وانه نفس فعلية القدرة والاستطاعة غير اختياري ، فان كون ما حقيقة ذاته نفس القدرة والاختيار لا يضر كونه موهوبا للفاعل ومخلوقا فيه وغير اختياري له ، لوضوح ان كون الاختيار غير اختياري لا يجعل الاختيار لا اختيار لمحالية انقلاب الحقيقة عما هي عليها مع فرض كونها هي نفس تلك الحقيقة ، فنفس الاختيار ليس كالافعال وما سواها ، فان الافعال غير الاختيار تكون اختيارية اذا صدرت عن اختيار وتكون اضطرارية اذا صدرت عن اضطرار ، بخلاف الاختيار نفسه فانه لا يعقل انقلابه عن حقيقة ذاته وهويته ، مضافا الى النقض عليهم باختيار نفس واجب الوجود ـ عزوجل وعلا ـ فانه مختار وله اختيار وافعاله اختيارية مع ان العلة في اختياره نفس ذاته ، فاختياره ليس بالاختيار لكون علة اختياره نفس ذاته ، فهو مختار بالاضطرار والوجوب.
فاتضح : انه لا منافاة بين ان يكون الفعل اختياريا وكون نفس الاختيار لا اختياريا ، ولا يوجب هذا كون الفعل اضطراريا ولا كون الاختيار لا اختيارا.
واتضح ايضا : انه اذا سبق الاختيار امور غير اختيارية واقعة في سلسلة علل الفعل واعداده يفصل بينها وبين تحقق الفعل نفس الاختيار ايضا لا تضر في صحة العقاب ولا تقلب الفعل الاختياري الى كونه غير اختياري ، فانه لو تقدم على الاختيار الف أمر وكلها غير اختيارية لا تمنع من كون الفعل يصدر عن اختيار ، لأن علته الاخيرة هي الاختيار والقدرة بحيث يستطيع ان يفعل وان لا يفعل ويقدر ان يريد فيفعل وان لا يريد فلا يفعل ، فلا بأس بان : تتقدم على هذا امور غير اختيارية بلغت ما بلغت.