.................................................................................................
______________________________________________________
ويحتمل ان يكون غرض هذا المورد انه وان كان الكفر والعصيان امرين اختياريين الّا انه حيث كان نفس اختيار العبد امرا غير اختياري له ، لوضوح ان واهب الاختيار والارادة له هو الله تبارك وتعالى وقد تعلقت الارادة التكوينية به من دون توسط للاختيار ، لأن نفس الاختيار ليس اختياريا والّا لتسلسل الاختيار ، وكل معلول تكون علته غير اختيارية فهو غير اختياري ، لا من حيث ذاته لفرض كونه مسبوقا بالاختيار ، بل من حيث ان علته وهي الاختيار امر غير اختياري فيعود المحذور ، وعودة المحذور ينبغي ان يكون من ناحية التكليف وهكذا ينبغي ان يكون التفريع ، ومعه كيف يصح التكليف؟ لكنه (قدسسره) اعرض عن هذا التفريع وفرع عليه عدم صحة المؤاخذة والعقاب ، ولعله انما فرع بعدم صحة العقاب والمؤاخذة على ما يرجع بالاخرة الى غير الاختيار ، لامكان ان يكتفي في مقام صحة التكليف بتوسط الاختيار في البين ، إلّا انه لا يمكن ان يصح عقاب العبد على الفعل من معاقب كان علة ذلك الفعل تستند اليه لا الى العبد.
ولا يخفى ايضا انه على هذا البيان للايراد يكون مراده (قدسسره) من قوله : «كيف وقد سبقهما الارادة الازلية» انه كيف لا يكون الكفر والعصيان منتهيين بالاخرة الى ما لا بالاختيار وقد سبقهما تعلق الارادة التكوينية بنفس الاختيار الذي هو العلة لهما.
ويحتمل ايضا : ان يكون غرض المورد ان الفعل وان كان يصدر عن مبادئه الاختيارية الّا انه لا بد وان يبلغ درجة الوجوب من ناحية علته ، لوضوح ان الممكن ما لم يجب لم يوجد ، واذا بلغ درجة الوجوب واللزوم من ناحية علته وهي ارادته بحيث تتحرك العضلات ويصدر الفعل يكون صادرا بالوجوب فيعود المحذور ، لرجوعه بالاخرة إلى الاضطرار واللزوم فلا يكون صادرا بالاختيار.