إن قلت : إن الكفر والعصيان من الكافر والعاصي ولو كانا مسبوقين بإرادتهما ، إلا أنهما منتهيان إلى ما لا بالاختيار ، كيف وقد سبقهما الارادة الازلية والمشية الالهية ، ومعه كيف تصح المؤاخذة على ما يكون بالاخرة بلا اختيار (١)؟
______________________________________________________
التكوينية به ولا يوجد الّا ما كان متعلقا للارادة التكوينية ، فلا بد وان يدخل الوجود متصفا بكونه من الامور الاختيارية للمكلف ، وهذا معنى قوله : «انما يخرج بذلك» : أي بتعلق الارادة التكوينية به «عن الاختيار» فيما اذا تعلقت الارادة التكوينية به بنفسه من دون توسط اختيار المكلف اما «لو لم يكن» كذلك بل كان «تعلق الارادة بها» أي : بالكفر والايمان والاطاعة والعصيان كانت موصوفة بوصف ومشروطة بشرط وهو كونها «مسبوقة بمقدماتها الاختيارية وإلّا» : أي وحيث كانت الارادة التكوينية متعلقة بها بنحو مسبوقيتها بمقدماتها الاختيارية «فلا بد من صدورها بالاختيار» لما عرفت من كونه شرطا في دخولها في دار الوجود «وإلّا» : أي ولو صدرت من دون اختيار المكلف «لزم تخلف ارادته عن مراده تعالى» لفرض كون الارادة التكوينية تعلقت بها مشروطة بذلك ، فلو وقعت على خلاف النحو الذي تعلقت به الارادة التكوينية لزم تخلف مراده عن ارادته.
(١) لا يخلو كلامه (قدسسره) في هذا الايراد من اجمال فانه ان كان مراد هذا المورد ان الكفر والعصيان وان كانا بارادة واختيار من العبد الّا انه لما كانا متعلقين للارادة الازلية التكوينية فلا بد من وقوعهما ، وما لا بد من وقوعه لا يكون اختياريا ، فهذا يرجع إلى الاشكال الأول المتقدم بقوله : «ان قلت ان كان الكفر الخ».
وجوابه : ما عرفت من أن الارادة التكوينية لم تتعلق بهما مطلقا ، بل تعلقت بما هما اختياريان ، ومتى توسط الاختيار ارتفع اللااختيار والاضطرار ، ولكن هذا الاحتمال بعيد فانه لا داعي الى الاعادة ، فلا بد وان يكون المراد غيره.